في القواعد (١) ، وهذا الإطلاق يشمل اليوم الواحد والأكثر منه ، إلى انقضاء الشهر.
ويشكل أوّلاً : بأن صحيحة الحلبي وما في معناها ظاهرة في غير صورة الانفراد.
وثانياً : بأنه لا يظهر فرق حينئذٍ بين ما نحن فيه وبين ما لو نام جنباً أوّل مرّة فأصبح ولم يغتسل ، وإنهم حكموا فيه بصحة الصوم وإن ترك الغسل طول النهار عمداً ، وحكموا ههنا بوجوب القضاء ، فما وجه اختلاف حكمها حتى أنّ حكمهم في النائم يشمل ما لو نام النومة الأُولى وأصبح ناسياً للجنابة حتى الليل.
ومقتضى حكمهم هنا وجوب القضاء لدخوله في الناسي ، ومقتضى ما ذكروه في النائم عدم الوجوب ؛ لدخوله تحت مسألة النائم.
فاندفاع الإشكال أما ببيان الفارق بين النوم والنسيان ، إن جعلنا الإشكال في عدم الفرق بينهما من جهة عدم التكليف حالهما ، وإما ببيان اندراج ما اجتمع فيه النوم والنسيان في أيّهما.
فأمّا الأوّل ؛ فيمكن الفرق كما يستفاد من غاية المراد (٢) بأنّ النسيان مظنة التذكر ، بخلاف النوم ، فلما أُبيح له النوم إرفاقاً به ، أُبيح له ما يترتّب عليه ، فلا تفريط فيه ؛ بخلاف الناسي ، فإنه من جهة تفطّنه في مظنّة التذكّر ، وعدم تذكّره مع طول الزمان لا يكون إلا لتفريطه ، ولذلك يقال بوجوب القضاء في النائم ثانياً ، فإنه قد يتخلّل التذكّر بينهما ، فنومه ثانياً أيضاً تفريط.
وتوضيح ذلك : أنّ مقدّمات النسيان قد تكون اختياريّة ، ولذلك مدح الله المؤمنين بقولهم (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا) (٣).
ويوضحه : ما ورد من لزوم إعادة الصلاة على من نسي إزالة النجاسة ؛ معلّلا بأن ذلك لأجل أن يهتمّ بأمره حتّى لا ينسى ، ويشير إليه قوله عليهالسلام : «رفع عن أُمتي
__________________
(١) قواعد الأحكام ١ : ٣٧٥.
(٢) غاية المراد ١ : ٢١٣.
(٣) البقرة : ٢٨٦.