فيظهر منه أنّ مطلق سبق المني مفسد ، وذلك لأنّ مطلق خروج المني في اليوم غير مبطل جزماً ، مثل ما لو كان من دون الاختيار في النوم واليقظة.
والقول بأنّ مراده عليهالسلام أنّ السبق الذي يحصل عقيب اللمس وأشباهه مفسد من جهة أنّه عقيب اللمس ، يدفعه إطلاق التعليل ، فلا بدّ أن يكون المراد من التعليل الأمر بالتحرّز عن الإمناء على سبيل العمد.
والمراد بسبق المني غلبة الطبع والهوى على الإنسان بحيث يخفى عليه الأمر ، فيستمرّ اللمس وأشباهه إلى أن يخرج عن الحالة المعتادة ، فيفعل ما لا ينفكّ عنه الإمناء ، فيصير من باب شبه العمد ، بل ربّما ينجرّ إلى الجماع ، كما يشير إليه إطلاق صحيحة منصور.
وبالجملة المفسد هو القصد إلى الإمناء ، أو إلى فعلِ ما من شأنه ذلك غالباً ، فالمنع عنه للشاب الشبق أو من لا يثق بنفسه لأجل فتور في جسده ؛ لأنّ ذلك فعل يشبه العمد.
ويؤيّد ما ذكرنا ، بل يدلّ عليه الأخبار المستفيضة جدّاً ، الدالّة على وجوب القضاء والكفارة على المتعمّد للإفطار (١) ، فإنّها بمفهومها تدلّ على عدم شيء على غير المتعمّد.
وتؤيّده أيضاً رواية أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل كلّم امرأته في شهر رمضان وهو صائم فأمنى ، قال : «لا بأس» (٢).
ومع ذلك كلّه فالأحوط القضاء ، بل الكفارة أيضاً ، أمّا الوجوب فلم يثبت.
ثمّ إنّهم اختلفوا في الإمناء بالنظر ، فأطلق جماعة من الأصحاب عدم وجوب شيء عليه ، من غير فرق بين المحلّل والمحرّم ، وما كان مع القصد والاعتياد وما بغيرهما (٣)
__________________
(١) الوسائل ٧ : ٩٣ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٥٦.
(٢) التهذيب ٤ : ٢٧٣ ح ٨٢٧ ، الوافي ١١ : ٢١٦ ح ١٠٧٢٦.
(٣) منهم ابن زهرة في الغنية (الجوامع الفقهيّة) : ٥٧١ ، والقاضي في المهذّب ١ : ١٩٣ ، والحلّي في السرائر ١ : ٣٨٩ ، والمحقّق في المعتبر ٢ : ٦٧٠ ، والعلّامة في الإرشاد ١ : ٢٩٧ ، والشهيد الثاني في المسالك ٢ : ١٩ ، وسبطه في المدارك ٦ : ٦٣.