حيث هي ، بل إطلاقاتهم في العنوانات ليست منسبكة لأجل بيان حكم المطلق من حيث هو مطلق.
فمرادهم في مسألة الحبوة بيان حكم القاضي أنّه مَن هو ، لا بيان كيفية المقضيّ ، وكذلك ههنا تعرّضوا للمسألة لبيان أنّ الواجب هل هو قضاء العبادة ، أو يكتفي بالتصدّق ، أو يخيّر بينهما ، لا لبيان حال نفس المقضي وكيفيته وهكذا.
وهذه النكتة مما ينبغي التفطّن لها ، فإنّ الحكم يختلف باختلاف عنوانات الموضوع في المسائل.
وأما حجّة ابن الجنيد وابن زهرة في التصدّق فلم نقف عليها ، والاعتماد على الإجماع الذي ادّعاه وترك الأخبار الكثيرة كما ترى.
وأما مسألة الصوم فقال في الدروس : لو تمكّن من القضاء ومات قبله فالمشهور وجوب القضاء على الوليّ ، سواء كان صوم رمضان أولا ، وسواء كان له مال أولا ، ومع عدم الولي يتصدّق من أصل ماله عن كلّ يوم بمد ، وقال المرتضى : يتصدّق عنه ، فإن لم يكن له مال صام وليه ، وقال الحسن : يتصدق عنه لا غير ، وقال الحلبي : مع عدم الوليّ يصام عنه من ماله ، كالحج ، والأوّل أصح (١) ، انتهى.
ولا يخفى أنه لا يظهر من هذه العبارة أيضاً أنّ المشهور عدم الفرق بين ما كان الفوات لعذر أم لا ، بل المراد من المشهور في كلامهم هو فتواهم بوجوب القضاء في مقابل القول بالصدقة وغيره ، فبقي انفهام الشهرة في التعميم من إطلاق كلامهم ، وقد ذكرنا أنّه لا اعتماد على مثل هذا الإطلاق.
وكيف كان فالأظهر الاكتفاء بما فات من جهة عذر كما نقلناه عن المحقق وأتباعه ، ومنهم صاحب المدارك ، وقد عرفت دليله ، فلا بد من بيان الأدلة لهذه الأقوال في المسألة.
__________________
(١) الدروس ١ : ٢٨٨ ، وانظر الانتصار : ٧١ ، والمختلف ٣ : ٥٢٩ ، والكافي في الفقه : ١٨٤.