ولم نقف لتعيين المدّين على مأخذ يعتمد عليه ، واحتج له في المختلف بأنّ نصف الصاع بدل عن اليوم في جزاء كفارة الصيد ، وهذا أولى منه ؛ لكونه آكد وأفضل (١). وفيه ما لا يخفى.
وربما يستدلّ له بصحيحة محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : «الشيخ الكبير والذي به العطاش لا حرج عليهما أن يفطرا في شهر رمضان ، ويتصدّق كل واحد منهما في كلّ يوم بمدّين من طعام» (٢).
فإنّ الشيخ جمع بينهما وبين ما نصّ على المدّ عليهما : بأنّ من أطاق إطعام مدّين يلزمه ذلك ، ومن لم يطق إلا إطعام مدّ فعل ذلك ، فلعلّه يقول بعدم الفرق بين العطاش وغيره من الأمراض ، بل لا فرق في الفدية عن صوم رمضان بين الأعذار ، فإنّ العبرة في الفداء بالمفدي دون السبب.
وأُجيب عن ذلك بحمل خبر المدّين على الاستحباب ؛ لندرته وتظافر الأخبار بخلافه ، مع معارضة صحيحة محمّد بن مسلم بصحيحته الأُخرى (٣) ، وبمنع عدم الافتراق بافتراق الأسباب وإن اتحد المفدي (٤).
الرابع : قال الشهيدان ومن بعدهما : إنّ محلّ هذه الفدية هو مستحق الزكاة لحاجته يعني لا للعمالة ، والتأليف والرّق والغرم وغير ذلك ، فمرادهم من حاجته لنفسه ليتم إخراج الغرم (٥).
واحتمل الشهيد الثاني في كتاب الكفارات دخول ابن السبيل (٦).
والأجود الاقتصار على المساكين ؛ لأنّه مقتضى الأخبار.
__________________
(١) المختلف ٣ : ٥٢٢.
(٢) الكافي ٤ : ١١٦ ح ١ ، الوسائل ٧ : ١٥٠ أبواب من يصح منه الصوم ب ١٥ ح ٢.
(٣) الكافي ٤ : ١١٦ ح ٤ ، الوسائل ٧ : ١٤٩ أبواب من يصح منه الصوم ب ١٥ ح ١.
(٤) انظر المختلف ٣ : ٥٤٦.
(٥) الشهيد الأوّل في الدروس ١ : ٢٨٧ ، والشهيد الثاني في الروضة ٢ : ١٢١.
(٦) المسالك ١٠ : ١٠١.