الإشكال في أنّهما نفس البلوغ أو علامة لسبقه ، فالظاهر أنّ المشهور هو الثاني ، بل ادّعى في المسالك عليه الإجماع (١).
وظاهر التحرير أيضاً عدم الخلاف ، حيث قال في كتاب الحجر : السنّ يتحصل منه البلوغ ، إلى أن قال : الحيض دلالة على البلوغ بلا خلاف ، وكذا الحمل (٢) ، وكذا يظهر ذلك من ابن إدريس (٣).
وعن ظاهر المبسوط : أنّ الحيض نفس البلوغ (٤).
وأمّا الحمل فلم يذكروا فيه خلافاً.
والذي ذكروه في وجهه : أنّ الحيض لا يكون إلا مع كمال التسع إجماعاً ، فلا يتحقّق الحيض إلا بعد كماله ، فظهر أنّها بالغة قبل الحيض.
وفي الحمل أنّه مسبوق بإنزال الماء ؛ لقوله تعالى (أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ) (٥) و (يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ) (٦) وهو نفس البلوغ.
وربّما يورد على الأوّل بالدور ؛ لأنّ معرفة كون الدم حيضاً موقوف على معرفة كمال التسع الذي هو نفس البلوغ ، فإذا عُرف البلوغ به لزم الدور.
ويندفع : بأنّ ذلك في مجهوله السن التي يمكن أن يكون دمها حيضاً فبالإمكان يحكم بكونه حيضاً ، وبعد ذلك يحكم بكونها بالغة بالتسع كمالاً.
ويرد على الأوّل : إمكان المقارنة دفعة ، فلا يثبت السبق ، والسبق الذاتي من جهة العليّة كسبق حركة اليد على المفتاح لو سلّم فلا يثمر في الفروع الفقهية ، والذي ذكروه من الفروع هو صحّة العقد الذي وقع مقارناً لمبدإ الحيض أو انعقاد النطفة ،
__________________
(١) المسالك ٤ : ١٤٥.
(٢) التحرير ١ : ٢١٨.
(٣) السرائر ١ : ٣٦٧.
(٤) المبسوط ٢ : ٢٨٢.
(٥) الإنسان : ٢.
(٦) الطارق : ٧.