والأخبار الدالّة على أنّ القلس ليس فيه شيء محمولةً على ما لو لم يزدرد عمداً.
العاشر : كلّما ذكرناه من المفطرات ، إنّما يفسده إذا وقع عمداً اختياراً فما لا عمد ولا قصد فيه أصلاً لا يفسد بلا خلاف ، كما لو طارت ذبابة ودخلت في حلقه ، أو دخل الغبار الغليظ في حلقه حيث لا يتمكن الاحتراز عنه.
وكذلك إذا وجر في حلقه شيء.
وكذلك من اكره بالضرب والشتم ، بحيث ارتفع قصده في الفعل.
ويدلّ عليه مضافاً إلى الإجماع : أنّه لا يصدق عليه أنّه أفطر ، ويشمله قوله عليهالسلام : «رفع عن أُمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» (١).
واختلفوا فيمن لم يبلغ إكراهه إلى هذا الحدّ ، مثل من خوّف وهدّد بما يكون مضرّاً له في نفسه ، أو من يقوم مقامه بحيث لا يليق بحاله ، مع قدرة المتوعد وشهادة القرائن بأنّه يفعله لو لم يفطر إلى أن أكل ، فالأكثر على أنّه غير مفسد (٢) ؛ للأصل ، ولعموم «استكرهوا».
وذهب الشيخ في المبسوط (٣) والعِمة في التذكرة (٤) ، والشهيد الثاني في المسالك (٥) إلى أنّه يفطر ؛ لصدق العمومات والإطلاقات ، فيكون كالمريض المجوّز له الإفطار ، فيجب عليه القضاء. والمراد بحديث ما استكرهوا كما هو المتبادر هو رفع المؤاخذة لا جميع الأحكام.
ويدفعه : أنّ القضاء بفرض جديد ، والقول ببطلان الصوم لو سلّمناه لا يستلزم القول بوجوب القضاء ، غاية الأمر أنّ الأخبار الواردة في بيان المفطرات مثل صحيحة
__________________
(١) الكافي ٢ : ٤٦٢ باب ما رفع عن الأُمّة ، الفقيه ١ : ٣٦ ح ١٣٢ ، الوسائل ١١ : ٢٩٥ أبواب جهاد النفس ب ٥٦.
(٢) كالمحقّق في المعتبر ٢ : ٦٦٢ ، والسيّد في المدارك ٦ : ٧٠.
(٣) المبسوط ١ : ٢٧٣.
(٤) التذكرة ٦ : ٣٧.
(٥) المسالك ٢ : ٢٠.