منهما خلافه ، ومنزّلتان على ما كان هناك مانع من غيم أو غبار ونحو ذلك ، أو على من لا يتمكّن من المراعاة أيضاً ، ولم يقل أحد من الفقهاء بجواز العمل بالظنّ على أي وجه كان ، وقد مرّ الكلام في مباحث أوقات الصلاة.
ثمّ قوله : «ولا يبعد انتفاء الإثم فيه» أنّه لو كان دليل جواز العمل بالظنّ شاملاً لما نحن فيه فانتفاء الإثم متعيّن ، فلا معنى لقوله «ولا يبعد».
إلا أن يقال : بناؤه هنا ليس على مسألة الاكتفاء بالظنّ في الوقت مع العجز عن تحصيل العلم في الصلاة والصوم ، بل مبنى كلامه هنا في خصوص الصوم الاكتفاء بالظن مطلقاً ؛ لخصوص صحيحة زرارة.
فيرد عليه حينئذٍ : أنّ الظاهر أنّه لا قائل بالفصل بين الصوم والصلاة في جواز العمل بالظنّ ، وعدم انصراف الرواية إلى الظنّ الحاصل من قول المخبر.
وأما قوله : «وإلا فالظاهر» إلى أخره الأحسن القطع بترتّب الإثم.
وأما وجه تأمّله في وجوب القضاء ، فلعلّه لتأمّله في صدق تعمّد الإفطار عليه حينئذٍ ، وليس بجيد ؛ إذ الجزم بترتّب الإثم أو ظهوره إنّما هو للإفطار عمداً ، وهو مستلزم للقضاء.
ثمّ إنّ إطلاق كلمات الأكثر يشمل ما لو كان المخبر فاسقاً أو عادلاً واحداً أو متعدداً.
وعن المحقّق الشيخ عليّ : الجزم بأنّه لو شهد بالغروب عدلان ثمّ بان كذبهما فلا شيء على المفطر وإن كان ممن لا يجوز له تقليد الغير ؛ لأنّ شهادتهما حجّة شرعية (١).
واستشكله في المدارك ؛ لعدم ما يدلّ على الحجية عموماً ، سيّما فيما يجب فيه تحصيل اليقين (٢).
قال في الكفاية : وهو حسن ، إلا أنّ في جعل محلّ البحث مما يجب فيه تحصيل
__________________
(١) جامع المقاصد ٣ : ٦٦.
(٢) المدارك ٦ : ٩٥.