وما دلّ على عدم جواز العمل بالتظنّي خصوصاً في شهر رمضان (١) إنّما ينصرف إلى ما كان يقين ثابت حتى يستصحب حكمه ، وهو في كلّ شهر شهر مفقود ؛ لعدم معلوميّة أوّلها.
وأمّا بالنسبة إلى مجموع الستّة أشهر أو تمام السنة مثلاً فلا يعارض الظنّ الحاصل من الأخبار الدالّة على عدم جواز نقض اليقين بالشكّ ، الظنّ الحاصل من هذا الظاهر ، فإنّا قد حقّقنا في الأُصول أنّ الظاهر أيضاً من القواعد المعتبرة كقاعدة اليقين وقاعدة نفي الضرر والحرج وغير ذلك ، ولا بدّ فيما لو تعارضا من الرجوع إلى المرجّحات ، والرجحان هنا مع الظاهر ، سيّما مع اعتضاده بالروايات المستفيضة مع عمل جماعة بها فيما لو غمّت الشهور.
ثمّ إنّ ما ذكر يجري فيما لو غمّ أكثر من ثلاثة أشهر أيضاً ، وإن لم يغمّ تمام السنة ؛ لأنّ كون أزيد منها تماماً بعنوان التوالي أيضاً نادر ، بخلاف الشهرين والثلاثة ، فإنّ الأصل حينئذٍ أقوى من الظاهر.
لا يقال : إنّك قلت بأنّ العمل بأمثال هذه الظنون لا يتمّ إلا في نفس الأحكام ، وأمّا في إثبات الموضوعات فلا بدّ من الوقوف على ما ثبت من الشرع.
لأنّا نقول : المفروض انتفاء ما ثبت من الشرع هنا ، ولا سبيل إليه مع ثبوت التكليف الموقوف على معرفة أوّل الشهر إلا العمل بأحد هذين الأمرين ، ولما لم يتمّ الدليل على العمل بالاستصحاب وعدّ ثلاثين ثلاثين تاماً ، فانحصر الرجوع إلى هذا الظن.
التاسع : لا عبرة بغيبوبة الهلال بعد الشفق ، واعتبره الصدوق في المقنع ، قال : واعلم أنّ الهلال إذا غاب قبل الشفق فهو لليلة ، وإن غاب بعد الشفق فهو لليلتين ، وإن رؤي فيه ظلّ الرأس فهو لثلاث ليال (٢) ، ونسب هذا القول في التذكرة إلى بعض من
__________________
(١) الوسائل ٧ : ١٨٢ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٣.
(٢) المقنع (الجوامع الفقهيّة) : ٧.