في المختلف (١).
وكيف كان ؛ فالمذهب هو المشهور.
ثمّ إنّ هذه المسألة في الجاهل بالحكم الغافل الذي يحسب وجوبه عليه لشبهة مبتنية على كون المنع من باب التنبيه وتعليم الجاهل وتنبيه الغافل ، فلزوم القضاء إنّما هو بفرض جديد دلّت عليه الروايات ، مثل صحيحة محمّد بن مسلم المتقدّمة.
وأمّا العالم بالمسألة الذي يعلم بالانتفاء شرعاً ، فقال في المدارك : ولا يخفى أنّ نيّة الوجوب مع الشكّ إنّما تتصور من الجاهل الذي يعتقد الوجوب لشبهة ، أمّا العالم بانتفائه شرعاً فلا يتصوّر منه ملاحظة الوجوب إلا على سبيل التصوّر ، وهو غير النيّة ، فإنّها إنّما تتحقّق مع الاعتقاد (٢).
فإن أراد أنّه لا يضرّ ذلك لأنّه لا ينفكّ حينئذٍ عن نيّة الندب أو الصوم المطلق فيكون صحيحاً فهو ممنوع ، فإنّ غاية ذلك عدم نيّة الوجوب ، وهو لا يستلزم نيّة الندب أو المطلق بدون القيد.
وإن أراد بيان نفس الأمر في نيّة الوجوب فهو كما ذكره.
ويرد عليه أيضاً : أنّه استدلّ أوّلاً على البطلان بأنّه تشريع فيكون حراماً ، وذلك لا يجامع انحصار النيّة في الجاهل ، فإنّ التحريم لا يتعلّق بالجاهل ، ويمكن أن يكون مراده الجاهل بالتفصيل وإن كان عالماً بوجوب تحصيل المسائل إجمالاً وكان مقصراً في التحصيل.
فحاصل الكلام في البطلان يؤول إمّا إلى عدم الإتيان بالمأمور به وثبوت القضاء بالفرض الجديد فقط ، أو إلى كون تلك العبادة حراماً منهياً عنها أيضاً ، فتكون باطلة ؛ لدلالة النهي على الفساد.
وأمّا لو ردّد نيّته بأن ينوي «أنّه إن كان من شهر رمضان كان واجباً ، وإلا كان ندباً»
__________________
(١) المختلف ٣ : ٣٨٣.
(٢) المدارك ٦ : ٣٤.