وكذلك يستفاد من روايته الأُخرى قال : كان أبو عبد الله عليهالسلام إذا صام لا يشمّ الريحان ، فسألته عن ذلك ، فقال : «أكره أن أخلط صومي بلذّة» (١) فيمكن أن يجاب عنه بأنّ المرغوب تركه هو التطيّب بقصد التلذّذ ، وأما بقصد السنّة وملاحظة تحصيل موافقة الملائكة وموافقة المؤمنين كما يستفاد من المنع عن البصل والثوم لمن دخل المسجد فلا بأس به ، بل هو سنّة.
وأما الريحان سيّما النرجس فلعلّ العلّة فيه هي مخالفة طريقة الأعاجم والمجانبة عنها ، وإن لم يقصد بها التلذّذ ، حماية للحمى ، ولعلّه لذلك خصّ المفيد الكراهة بالنرجس (٢).
وحاصل المقام أنّ هنا أُموراً ثلاثة هي مظنّة الكراهة :
أحدها : الاجتناب عن وصول شيء إلى الحلق.
والثاني : التلذّذ ورفع الجوع والعطش.
والثالث : موافقة الكفار ، إذ المراد بالأعاجم هم المجوس ، فيحسن الاجتناب عن موافقتهم ولو من باب حماية الحمى ، فيمكن القول بالكراهة فيما وجد فيه شيء من ذلك ، وعدمها في غيره ، والله العالم.
ومنها : استنقاع المرأة في الماء على المشهور بين الأصحاب ؛ لرواية حنان بن سدير ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الصائم يستنقع في الماء ، قال : «لا بأس ، ولكن لا ينغمس فيه ، والمرأة لا تستنقع في الماء ؛ لأنّها تحمل الماء بفرجها» (٣) المحمولة على الكراهة ؛ لعدم مقاومتها للأصل والأخبار الحاصرة للمفطرات ، وليس هذا من جملتها.
__________________
(١) الفقيه ٢ : ٧١ ح ٣٠٣ ، علل الشرائع : ٣٨٣ ح ٢ ب ١١٤ ، الوسائل ٧ : ٦٦ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٢ ح ١٥.
(٢) المقنعة : ٣٥٦.
(٣) التهذيب ٤ : ٢٦٤ ح ٧٨٩ ، الوسائل ٧ : ٢٣ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣ ح ٦ بتفاوت.