ما يلحقهم بعد الإستبصار إنّما هو تفضّل من الله سبحانه وتعالى.
وأمّا الصبي المميّز ؛ فالأظهر صحّة صومه ؛ لأنّ الأظهر كون عباداته شرعيّة لا كما توهّمه الشهيد الثاني من القول بها مع نفي شرعيتها أيضاً ؛ لأنّه من باب الوضع (١) ، وقد مرّ تحقيق ذلك أيضاً في مباحث النيّة.
وأما المغمى عليه ؛ فعن الأكثر أنّه يفسد بحصول الإغماء ولو في جزء من أجزاء النهار كالجنون (٢).
وقال المفيد في المقنعة : وإذا أُغمي على المكلّف للصيام قبل استهلال الشهر ومضى عليه أيّام ثمّ أفاق كان عليه قضاء ما فاته من الأيّام ، فإن استهلّ عليه الشهر وهو يعقل فنوى صيامه وعزم عليه ثمّ أُغمي عليه وقد صام شيئاً منه أو لم يصم ثمّ أفاق بعد ذلك فلا قضاء عليه ؛ لأنّه في حكم الصائم بالنية والعزيمة على أداء الفرض (٣).
وفي المختلف (٤) عن الخلاف : إذا نوى ليلاً وأصبح مغمى عليه حتّى ذهب اليوم صحّ صومه ، وإذا نوى الصوم من الليل وأصبح مغمى عليه يوماً أو يومين وما زاد عليه كان صومه صحيحاً ، وكذلك إن بقي نائماً يوماً أو أيّاماً ، وكذلك إذا أصبح صائماً ثمّ جنّ في بعضه ، أو مجنوناً فأفاق في بعضه ونوى ، فلا قضاء عليه (٥).
ويظهر منهما أنّ المغمى عليه إذا سبقته النية فيصحّ صومه ، وإن أطبق الإغماء يومه بل وأكثر من يومه.
حجة الأكثر : أنّ التكليف يسقط بزوال العقل وجوباً وندباً ، فلا يصحّ ؛ لعدم الأمر الموجب للصحّة ، وأنّ كلّ ما أفسد الصوم إذا وجد في جميعه أفسده إذا وجد في
__________________
(١) الروضة البهيّة ٢ : ١٠١.
(٢) كالشيخ في المبسوط ١ : ٢٦٦ ، والمحقّق في المعتبر ٢ : ٦٩٦ ، والعلامة في التذكرة ٦ : ١٠٣ ، والمنتهى ٢ : ٥٨٥ ، والفاضل الآبي في كشف الرموز ١ : ٢٩١.
(٣) المقنعة : ٣٥٢.
(٤) المختلف ٣ : ٤٥٦.
(٥) الخلاف ٢ : ١٩٨ مسألة ٥١.