بعض الشافعية ؛ لأنه بالانتقال إلى بلدهم أخذ حكمهم وصار من جملتهم ، والثاني : أنه يفطر ؛ لأنه التزم حكم البلدة الأُولى ، فيستمرّ عليه ، وشبّه ذلك بمن اكترى دابة لزمه الكراء بنقد البلد المنتقل عنه (١).
أقول : فقد يلزمه على الأوّل صوم أحد وثلاثين يوماً بناءً على التعميم ، وفي العكس الإفطار على ثمانية وعشرين يوماً.
ولو أصبح معيّداً ثمّ انتقل ليومه ووصل قبل الزوال ، أمسك بالنيّة وأجزأ ، وبعده أمسك مع القضاء ، ولو انعكس أفطر.
وههنا فروع كثيرة لا نصّ فيها ، فالأولى العمل بالاحتياط فيها.
الثاني : قال في التذكرة : يجب الترائي للهلال ليلة الثلاثين من شعبان ورمضان وتطلّبه ليحتاطوا بذلك لصيامهم ويسلموا من الاختلاف.
واستدلّ عليه بأنّ الصوم واجب في أوّل رمضان ، وكذا الإفطار في العيد ، فيجب التوصّل إلى معرفة وقتهما ؛ لأن ما لا يتمّ الواجب إلا به فهو واجب (٢).
أقول : وفيه نظر ؛ إذ الأصل دليل قوي لا يخرج عنه إلا بدليل ، وبراءة الذمّة عن التكليف لا ترتفع إلا بما يثبته ، ونحن نمنع وجوب الصوم إلا لمن عرف دخول الشهر ، وإن قلنا بأنّ الألفاظ أسام لما هو في نفس الأمر.
وبذلك ندفع ما احتجّ به الأصحاب في وجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة ، حيث استدلّوا على وجوب الاجتناب عن المشتبه بالنجس بأنّ الاجتناب عن النجس أو الحرام واجب ، ولا يتمّ إلا بالاجتناب عن الجميع ، ونقول : إن المسلّم وجوبه هو الاجتناب عما علمت نجاسته أو حرمته ، لا عمّا هو نجس أو حرام في الواقع كما حقّقناه في القوانين.
__________________
(١) التذكرة ٦ : ١٢٤.
(٢) التذكرة ٦ : ١٢٠ ، والموجود فيه «يستحبّ» بدل «يجب» وهو خطأ من المحقّق كما يظهر من الأدلّة.