أقول : الأظهر السقوط ؛ لتقديم مقتضى الوصيّة ، ولكن الإشكال فيما لو لم يعمل الوصيّ بمقتضى الوصيّة ، فهل يجب حينئذٍ على الوليّ أم لا؟ ظاهر كلام الشهيدين حيث حكما بالسقوط عدم عود التكليف إليه ، وهو مقتضى الدليل ، والأحوط أن يأتي به الوليّ حينئذٍ. والظاهر عدم الفرق في المسألة بين الصلاة والصوم ؛ لوحدة الدليل.
الثالث : إن لم يكن للميت وليّ ، أو قلنا بعدم وجوب ما فات عن الميّت بلا عذر كما رجّحناه ، فإن أوصى بشيء مما يجب عليه من العبادات فيجب العمل بمقتضى وصيّته على حسبها من الأصل أو الثلث.
وإن لم يوص ، فقال في الذكرى : ظاهر المتأخّرين من الأصحاب عدم وجوب الإخراج من ماله ؛ لأنّ الفرض لم يتعلّق بغير بدنه ، خرجنا في صورة الوصيّة عن مقتضاه بالإجماع ، وبقي غير صورة الوصيّة تحت الدليل (١).
ثمّ قال : وبعض الأصحاب أوجب إخراجها كالحجّ ، وصبّ الأخبار التي لا وليّ فيها عليه ، واحتجّ أيضاً بخبر زرارة قال ، قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّ أباك قال لي : «من فرّ بها فعليه أن يؤدّيها». قال : «صدق أبي ، إنّ عليه أن يؤدّي ما وجب عليه ، وما لم يجب عليه فلا شيء عليه» ثمّ قال : «أرأيت لو أنّ رجلاً أُغمي عليه يوماً ثمّ مات فذهبت صلاته ، أكان عليه وقد مات أن يؤدّيها؟» فقلت : لا ، قال : «إلا أن يكون قد أفاق من يومه» (٢) فظاهره أنّه يؤدّيها بعد موته ، وهو إنما يكون بوليّه أو ماله ، فحيث لا وليّ يحمل على المال ، وهو شامل لحالة الإيصاء وعدمه (٣) ، انتهى كلام الذكرى.
ولعلّ مراده من الأخبار التي استدلّ بها بعض الأصحاب عليه رواية عبد الله بن أبي يعفور المتقدّمة وما في معناها ، وفي دلالتها خفاء حيث إنّ ظاهرها بيان الرخصة والجواز ، لا وجوب القضاء مطلقاً.
__________________
(١) الذكرى : ١٣٩.
(٢) الكافي ٣ : ٥٢٦ ح ٤ ، الوسائل ٦ : ١١١ أبواب زكاة الذهب والفضة ب ١٢ ح ٢.
(٣) الذكرى : ١٣٩.