بقي هنا شيء :
وهو أنّ المستفاد من كلام الشيخين أنّ ذلك يجري في المغمى عليه أزيد من يوم (١) ، ولعلّه مبني على اكتفائهم بنيّة واحدة لتمام الشهر كما هو الأشهر الأظهر.
ولكنّه مشكل فيما نحن فيه ؛ للشكّ في صدق الصائم عليه في اليوم الثاني فصاعداً ، سيّما ومعتمدنا في مسألة كفاية النيّة الواحدة للشهر هو استمرار الداعي ، وهو مفقود هنا بالنسبة إلى اليوم الثاني والثالث ، بل بالنسبة إلى الأوّل أيضاً ، بل بالنسبة إلى جزئه أيضاً ؛ إذ المفروض أنّه لم يتسبّب بشيء عند الإغماء ، لا الكفّ ولا التوطين ، ولا استمرار العدم الأزلي ، بخلاف المفيق المكتفي بالداعي إلى أيّام ، والنوم إنّما خرج بالنصّ والإجماع والأصل ، مع صدق الصوم عليه في عرف المتشرّعة ، وهذا يشمل الإغماء في بعض اليوم بل في تمام اليوم الأوّل أيضاً.
ولو لم تكن هذه المذكورات يجري الكلام في النوم أيضاً ، ولكن النصّ والإجماع وصدق الاسم إنّما يثبت فيما لو سبقته النيّة بالنسبة إلى هذا اليوم الخاص.
بقي الكلام فيما ذكره في الخلاف من ذكر النوم والجنون وأنّهما أيضاً لا يضرّان (٢) ، فأمّا مسألة النوم ، فأمّا فيما استمرّ عليه النوم ما فوق يوم إذا سبقته النيّة فالإشكال المتقدّم في المغمى عليه آتٍ فيه ، وأما في يوم واحد أو جزء يوم فلا ريب في أنّه غير مضرّ ، وعليه اتّفاق العلماء ، وتدلّ عليه الضرورة والأخبار ، بل فيها ما يدلّ على رجحانه وأنّه بمنزلة العبادة ، وكذلك لا خلاف فيه ظاهراً إذا استوعب اليوم مع سبق النيّة.
والأولى الاكتفاء في الاستدلال بذلك ، لا بتحقّق الصوم الذي هو عبارة عن الإمساك المخصوص مع النيّة ، فإنّ إجزاءه في المستوعب أو فيمن نام قبل الفجر إلى ما بعد الزوال مشكل ، فإنّ قصارى ما يكتفى به في الصوم هو استمرار الترك ، وإلا فعلى القول باعتبار الكفّ أو التوطين فالأمر أصعب ، ولكن يشكل بذلك الأمر في
__________________
(١) المذكور في المقنعة : ٣٥٢ ، والمبسوط ١ : ٢٨٥.
(٢) الخلاف ٢ : ١٩٨.