ثمّ إنّا قد ذكرنا أنّ الأكثر على الاقتصار في الاستثناء على الثلاثة المذكورة (١) ، وهنا قولان آخران :
أحدهما : للمفيد قد نسبه إليه الفاضلان في المعتبر والمختلف والشهيد الثاني رحمهالله في الروضة (٢) ، وهو جواز الصوم الواجب مطلقاً عدا شهر رمضان (٣).
وربما استدلّ له بالأصل ، وبما يستفاد من الأخبار أنّ الإفطار في السفر إنّما هو رخصة من الله وهدية منه لعباده فيما أوجبه عليهم (٤) ، ولا يُعجِب (٥) أحد أن تُردّ هديته ، وأمّا الصوم الذي يوجبه العبد من نفسه على نفسه فلا يجري فيه ذلك.
وفيه : أنّ ما ذكر لا يعارض به ما تقدّم من الأدلّة عموماً وخصوصاً.
والثاني : للصدوقين ، وهو جواز صوم جزاء الصيد للمحرم (٦) ، ولم نقف على مستنده. والتمسّك بأنّه «بدل عن جبران وجب في الحرم فجاز صومه في السفر كصوم دم المتعة الثلاثة الأيام» قياس منقوض بالسبعة.
هذا الكلام في الصوم الواجب.
وأمّا المندوب ؛ فاختلف فيه كلام الأصحاب ، فالصدوق في الفقيه والمقنع ذهب إلى الحرمة (٧) ، وهو المنقول عن ابن البرّاج (٨) وابن إدريس (٩) ، وذهب ابن حمزة إلى الجواز (١٠)
__________________
(١) منهم المفيد في المقنعة : ٣٥٠ ، والشيخ في النهاية : ١٦٣ ، وابن البراج في المهذّب ١ : ١٩٤ ، وابن زهرة في الغنية (الجوامع الفقهيّة) : ٥٧٢ ، والشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٤٦ ، والسيّد في المدارك ٦ : ١٤٨.
(٢) المعتبر ٢ : ٦٨٤ ، المختلف ٣ : ٤٦٢. ، الروضة البهيّة ٢ : ١٠٤.
(٣) المقنعة : ٣٦٢.
(٤) الوسائل ٧ : ١٢٤ أبواب من يصحّ منه الصوم ب ١.
(٥) في «م» : ولا يحب.
(٦) نقله عن ابن بابويه في السرائر ١ : ٤١٥.
(٧) الفقيه ٢ : ٩٢ ح ٤١١ ، المقنع (الجوامع الفقهيّة) : ١٦.
(٨) المهذّب ١ : ١٩٤.
(٩) السرائر ١ : ٣٩٣.
(١٠) الوسيلة : ١٤٩.