الخامسة : يحرم إفطار قضاء شهر رمضان بلا عذر بعد الزوال ، وتجب به الكفارة أمّا الحرمة ؛ فهي المشهورة بين الأصحاب بلا خلاف كما في المسالك (١) ، وقال في المدارك : هو مذهب الأصحاب لا أعلم فيه مخالفاً (٢) ، وعن الانتصار والخلاف والغنية دعوى الاتفاق عليه (٣) ، وتدلّ عليه الأخبار الكثيرة المتقدّم بعضها والآتي بعضها.
ويظهر من الشيخ في كتابي الأخبار عدم الحرمة ، فإنه قال بعد نقل موثّقة زرارة المتقدّمة أنفاً : ويمكن أن يكون المراد به من أفطر هذا اليوم بعد الزوال على سبيل الاستخفاف والتهاون بما يجب عليه من فرض الله تعالى ، فيجب عليه حينئذ من الكفارة ما على من أفطر يوماً من رمضان ؛ عقوبة له وتغليظاً عليه ، وأما من أفطر وهو معتقد أنّ الأفضل إتمام صومه ، فليس عليه إلا ما قدّمناه من إطعام عشرة مساكين ، أو صيام ثلاثة أيّام (٤) ، وسننقل عنه عبارة أُخرى.
ويمكن أن يكون مراده من الأفضل مثل ما يقال : أنّ الطاعة أحسن من المعصية ، والإسلام أحسن من الكفر.
وأمّا وجوب الكفارة ؛ فهو المشهور بين الأصحاب أيضاً ، وعن الخلاف والانتصار والغنية دعوى الاتفاق عليه (٥).
وعن ابن أبي عقيل : نفي الكفارة بإطلاقها (٦) ، وتدلّ عليه موثّقة عمّار عن الصادق عليهالسلام : عن الرجل يكون عليه أيّام من شهر رمضان يريد أن يقضيها متى يريد أن ينوي الصيام؟ قال : «هو بالخيار إلى أن تزول الشمس ، فإذا زالت الشمس ، فإن كان نوى الصوم فليصم ، وإن كان نوى الإفطار فليفطر» سئل : فإن كان نوى الإفطار يستقيم
__________________
(١) المسالك ٢ : ٦٧.
(٢) المدارك ٦ : ٢٣٠.
(٣) الانتصار : ٦٩ ، الخلاف ٢ : ٢٢٢ مسألة ٨٦ ، الغنية (الجوامع الفقهيّة) : ٥٧١ ، وفيه : قبل الزوال.
(٤) التهذيب ٤ : ٢٧٩ ، الاستبصار ٢ : ١٢١.
(٥) انظر هامش ٣.
(٦) الكافي في الفقه : ١٨٤.