وتوهّم عدم جريان الأصل في العبادات ضعيف كما حقّقناه في الأُصول ، سيّما على القول بأنّها أسامٍ للأعمّ كما هو المختار (١).
وأمّا استمرارها حكماً بمعنى عدم قصد ما ينافيها فهو وإن كان واجباً كما في أصل الإيمان ، فإنّ العقد الخاصّ بالقلب لا يجب استحضاره دائماً ، بل يكفي فيه عدم العقد على خلافه والتردد ، لكنا نمنع شرطيّتها كما في المعتبر (٢).
سلّمنا شرطيّتها ، لكنّا نمنع منافاتها لقصد الإفطار.
والظاهر أنّ القصد إلى فعل المنافي لا يبطل الصلاة أيضاً ، بل الظاهر أنّها لا تبطل بقصد الخروج وإخراج نفسه من الصلاة أيضاً إذا عاد إليها قبل تحقّق ما يبطل الصلاة من المنافيات كما عليه الأكثر ، وكما أفتى الأصحاب بعدم بطلان الوضوء بقصد الخروج في الأثناء.
نعم هناك دقيقة تظهر من كلام المحقّق الأردبيلي رحمهالله وهي الفرق ما بين قصد المفطر وبين قصد الرياء بجزء من الصوم ، بل وقصد عدم الإمساك ، أو قصد غير الصوم المنوي (٣) ، بمعنى إنشاء الرياء في جزء منه ، أو جعل ذلك الجزء غير ممسك فيه أو غير المنويّ ، فإنّ ذلك بمنزلة نفس الإفطار لا قصده ، فيفوت بعض اليوم ، والصوم لا يتبعّض ، ولذلك جعلوا موضوع المسألة قصد المفطر لا الرياء ونظراءه.
أقول : والفرق حينئذٍ بين الصوم والصلاة منع كون أكوان المصلّي في حال الصلاة من أجزاء الصلاة ، بل الصلاة إنّما هي الأفعال المعهودة ، فإذا جعل نفسه في الصلاة خارجاً عنها وعاد إليها قبل فعل المنافي لا يلزم تفويت شيء منها إذا لم يحصل الإخلال بشيء من أفعالها الواجبة ، بخلاف الصوم ، فإنّ جميع الآنات من اليوم جزء منه ، وبتفويت بعضها يتبعّض الصوم.
__________________
(١) القوانين : ٤٤.
(٢) المعتبر ٢ : ٦٥٢.
(٣) مجمع الفائدة والبرهان ٥ : ١٧٣.