قصده لغيره.
وعلى هذا لا بدّ أن ينزّل استدلال الجماعة بأنّه لا يقع في رمضان غير صوم رمضان ، وإلا فيمكن المناقشة بأنّ ذلك لا يستلزم الصحّة مطلقاً ، كما لو قصد صوم غير رمضان عمداً ، أو قصد صوم رمضان آخر ، فإنّ الظاهر أنّه باطل ، وإن اشتمل على نيّة الصوم قربة إلى الله ؛ لأنّه قصد غير المأمور به ، وهذا ليس محض تصوّر الغير حتّى يقال : إنّه لا ينافي تصديقه بأنّه هو نفس المأمور به.
والحاصل أنّ القصد إلى نفس المأمور به ممّا لا بدّ منه في الامتثال.
ومن ذلك يظهر الكلام في النذر المعيّن ، والمشهور فيه وجوب التعيين ، خلافاً للسيّد (١) وجماعة (٢).
فالتحقيق : أنّه مع التفطّن والاستحضار لا يحتاج إلى التعيين ، وبدونه يحتاج كما ذكرنا.
وتمسّك الأوّلين في الفرق بينه وبين رمضان «بأنّ رمضان لا يقع فيه غيره فلا يحتاج ، بخلافه» ضعيف ؛ لأنّه مع أنّه لا يتمّ لما مرّ ، لا يصلح فارقاً ؛ لأنّ المفروض عدم وقوع الغير أيضاً في النذر المعيّن.
والفرق بالأصالة والعرضيّة غير مجدٍ ، مع إمكان المناقشة في الأصالة بالنسبة إلى رمضان أيضاً ؛ إذ المتعيّن فيه إنّما هو للحاضر الصحيح الجامع للشرائط ، لا مطلقاً ، قال الله تعالى (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) (٣).
ومن ذلك يظهر الكلام فيما لو نذر تعيين النذر المطلق أيضاً ، وأنّه لا يجدي في إسقاط قصد التعيين مع عدم التميز إلا به تعيّنه في نفس الأمر ، ولا يضرّ في عدم
__________________
(١) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى) ٣ : ٥٣.
(٢) كابن إدريس في السرائر ١ : ٣٧٠ ، والعلامة في المنتهي ٢ : ٥٥٧ ، والقواعد ١ : ٦٣ ، والشهيد الثاني في الروضة ٢ : ١٠٨ ، وصاحب المدارك ٦ : ١٨.
(٣) البقرة : ١٨٥.