الاحتياج إلى التعيين مع التفطّن له كون غيره من الأزمنة صالحاً لوقوعه فيه ، وأنّه إنّما أفاد فوريّته خاصّة ، وأنّ وجوبه باقٍ بعده و (١) إن لم يأتِ به ، وكذلك الكلام لو تضيّق القضاء بتضيّق شهر رمضان ونحو ذلك.
وأمّا النذر المطلق والكفّارات والقضاء وصوم النفل فلا بدّ فيها من نيّة التعيين ؛ لما مرّ من لزوم تعيين المأمور به في تحقّق الامتثال عرفاً.
فما يتردّد بين أُمور لا يتميّز إلا بالقصد ، فلا بدّ من تمييزه به ، والظاهر أنّه إجماعيّ ، قال في المنتهي : وهو قول علمائنا وكافّة الجمهور إلا النافلة (٢) ، ومثله في التذكرة (٣) ، وقال في المعتبر : وعلى ذلك فتوى الأصحاب (٤).
نعم قال الشهيد في البيان : وكذا تكفي القربة في الندب إذا تعيّن كأيّام البيض (٥).
بل ونقل عنه في الروضة إلحاق مطلق المندوب لتعيّنه شرعاً في جميع الأيّام إلا ما استثني ، وحسّنه (٦).
أقول : والوجه في الكلّ يظهر مما مرّ.
والتحقيق : ما ذكرنا من أنّ المعيار لزوم القصد إلى الفعل المتعيّن المتميّز تقرّباً إلى الله ، ويكفي فيه الداعي ، ولا حاجة إلى الإخطار كما مرّ مراراً ، فإن تميّز في نظر المكلّف فلا حاجة إلى قصد تعيينه ، وإن لم يكن متميّزاً أو كان متردّداً بين أُمور فيلزم القصد إلى المعيّن.
والحقّ أنّ نيّة التعيين لا تكفي عن التقرّب ؛ تمسّكاً بعدم الانفكاك عنه كما نقل عن المبسوط ؛ لتغايرهما بالذات كما لا يخفى.
__________________
(١) الواو ليست في «م».
(٢) المنتهي ٢ : ٥٥٧.
(٣) التذكرة ٦ : ٩.
(٤) المعتبر ٢ : ٦٤٤.
(٥) البيان : ٣٥٧.
(٦) الروضة البهيّة ٢ : ١٠٨.