ما سبقه ، فلا بدّ من حمل ما سبقه على أنّ المراد مما رواه الراويان معاً أداء الزكاة قبل حلول الحول ، والمراد مما ذكره زرارة وحده بيان حكم مطلق إخراج الزكاة.
وحاصله بملاحظة قوله «وقال إنّه حين رأى الهلال» إلى أخره أنّه إذا كانت الهبة بعد حلول الحول فهو بمنزلة من أفطر وفرّ بسفره عن الكفّارة ، فلا ينفعه ، وإذا كان قبل حلول الحول فيجوز ولا شيء عليه ، بمنزلة من خرج إلى السفر ثمّ أفطر.
الثالث : إنّ بعض الذين جعلوا هذه المسألة مبتنية على المسألة الأُصولية كصاحب المسالك ذكر في جملة أدلّة القائلين بعدم سقوط الكفّارة أنّ العلّة في الوجوب هتك حرمة الشهر ، وقد وجد ، فيترتّب عليه معلوله (١) ، ولا يخفى ما بينهما من التنافي.
وأيضاً ما ذكره فخر المحقّقين من ابتناء إحدى المسألتين الأُصوليّتين على الأُخرى على الإطلاق (٢) ، منظور فيه ، كما تشهد به كلماتهم في كتب الأُصول ، وكلامه هذا يدلّ على أنّه لا خلاف بينهم في عدم تعلّق التكليف بنفس المأمور به.
والظاهر أنّه ليس كذلك ؛ إذ من الأشاعرة من يقول بوقوعه مضافاً إلى الجواز ، كما يظهر من استدلالاتهم في المسألة (٣).
اللهم إلا أن يكون نظره إلى أقوال أصحابنا فقط ، وفيه أيضاً ما مرّ من أنّه مستلزم لعدم حصول الإثم أيضاً على قول من يقول بسقوط الكفّارة وهو كما ترى.
السادس عشر : من أفطر في شهر رمضان عامداً مستحلا للإفطار ، وكان إفطاره بما علم تحريمه من دين الإسلام ضرورة ، كالأكل والشرب والجماع ، فهو مرتد.
وإن كان فطريّاً ولم يكن في حقّه شبهة يستحقّ القتل ولا تقبل توبته ظاهراً ، بمعنى أنّه لا يسقط الحدّ بها عنه.
__________________
(١) المسالك ٢ : ٣٦.
(٢) إيضاح الفوائد ١ : ٢٣٠.
(٣) انظر المواقف : ٢٣٣ ، وشرح المواقف ٨ : ٢٠٤.