أصلاً مع كونهم مكلّفين بالإجماع ، فلا مناص لهم عن القول بجواز مثل هذا التكليف بما لا يطاق ، وهو بعيد.
وكيف كان ، فالأظهر قبول توبته باطناً ، وصحة عباداته وطهارة بدنه ، وصحّة معاملاته التي منها حلّ ذبيحته ومنها جواز تملّكه ، وتزويجه ، ولو كان بامرأته السابقة بعقد جديد.
وأمّا عدم سقوط قتله وعدم رجوع ماله إليه وزوجته بالعقد السابق فلا نمنعه ؛ للاستصحاب ، وعدم منافاته لوسعة رحمة الله وكرمه ؛ لأن فيها فوائد جمّة في حراسة الدين وردع المبطلين ، ولعلّه يوجب حصول الأجر مضافاً إلى رفع العقوبة لنفس المرتد ، فلا غائلة أصلاً فيه.
ثمّ إنّه لو صام المسلم فارتد في أثنائه ثمّ رجع ففي صحته قولان ، فعن الشيخ (١) وابن إدريس (٢) وجماعة منهم المحقق في المعتبر (٣) الصحة.
وذهب العلامة (٤) والشهيد (٥) إلى البطلان ، وقوّاه في المدارك (٦) ؛ لأنّ الإسلام شرط الصحّة ، وبفوته في جزء من الصوم يفسد ذلك الجزء ، والصوم لا يتبعّض.
ويؤيّده قوله تعالى (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) (٧).
وأجاب المحقق بأنّ شرط الإحباط أن يموت على الشرك (٨) ، وهو تقييد لا دليل عليه.
نعم ما ذكره له وجه بالنسبة إلى الأعمال الاتية إذا تاب.
__________________
(١) المبسوط ١ : ٢٦٦.
(٢) السرائر ١ : ٣٦٦.
(٣) المعتبر ٢ : ٦٩٧.
(٤) المنتهي ٢ : ٥٨٠ ، المختلف ٣ : ٤٥٨.
(٥) الدروس ١ : ٢٦٩.
(٦) المدارك ٦ : ٢٠٥.
(٧) الزمر : ٦٥.
(٨) المعتبر ٢ : ٦٧٩.