سقوط القتل وما بعده ، كما يشعر به عطف ما بعده عليه.
والمراد أنّه لا يستتاب وإن قبلت توبته لو تاب ، كما دلّت عليه موثّقة عمّار عن الصادق عليهالسلام ، قال : «كلّ مسلم بين مسلمين ارتد عن الإسلام وجحد محمَّداً نبوته وكذّبه ، فإنّ دمه مباح لكلّ من سمع ذلك منه ، وامرأته بائنة منه يوم ارتدّ فلا تقربه ، ويقسّم ماله على ورثته ، وتعتدّ امرأته عدّة المتوفّى عنها زوجها ، وعلى الإمام أن يقتله ولا يستتيبه» (١) فإن عدم الاستتابة لا يستلزم عدم قبول التوبة لو تاب.
والحاصل : أنّ ظاهر هذه الرواية لا يقاوم ما دلّت عليه أدلّة التوبة مع قطعيتها وتضافرها في الكتاب والسنة (٢) ، سيّما مع ما هو المعهود من كرم الله ووسعة رحمته ، وسبقها غضبه ، ونفي العسر والحرج ، وكون الملّة سمحة سهلة.
وأما القتل وما يتبعه فلا ينافي ما ذكر ؛ لكونها من باب الأحكام الوضعية المقوية (٣) للدين ، السادّة لخلل شُبه أهل الجحود ، وتطرّق الإضلال.
إذا عرفت هذا ، فنقول : التحقيق القول بقبول توبته باطناً كما قوّاه جماعة منهم الشهيد الثاني (٤) والمحقّق الشيخ عليّ (٥) وصاحب المدارك (٦) وغيرهم (٧).
وما ذكروه من جواز التكليف بما لا يطاق إذا كان المكلّف هو الذي صار باعثاً له ، فإنما يسلّم إذا لم يتب.
وأمّا بعد التوبة الصحيحة فنحن نحكم بقبحه كسائر التكاليف التي لا تطاق ، ونحن إذا صحّحنا التوبة بما ذكرنا فلا يرد علينا شيء.
وأمّا ظاهر جمهور الأصحاب فإن كان مرادهم هو ما ظهر منهم من عدم القبول
__________________
(١) الكافي ٧ : ٢٥٧ ح ١١ ، الوسائل ١٨ : ٥٤٥ أبواب حدّ المرتدّ ب ١ ح ٣.
(٢) الوسائل ١٨ : ٥٤٥ أبواب حد المرتدّ ب ٣.
(٣) في «م» : المقومة.
(٤) المسالك ٢ : ٦٠.
(٥) رسائل المحقّق الكركي ٣ : ٣٥٠.
(٦) المدارك ٢ : ٢٠٥.
(٧) الحدائق ١٣ : ٢٩٨.