أو بعدم وجوب القضاء.
وربّما يدفع ذلك : بأنّه تكليف صار هو بنفسه سبباً له ، ولا قبح في التكليف بالمحال الذي صار المكلّف بنفسه سبباً له ، كمن دخل دار قوم غصباً عالماً بالحرمة فهو مكلّف بالخروج وعدم الخروج.
ولعلّ المراد بالتكليف حينئذٍ مع قبحه عن الحكيم من جهة لغويّته لكونه طلب إيجاد ما لا يوجد أبداً هو كونه معاقباً في الآخرة في أداء ما لا يتمكّن من إيجاده توسّعاً.
أقول : الأظهر قبول توبته باطناً ؛ لعموم الآيات والأخبار الواردة في التوبة ، خصوصاً قوله تعالى (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) (١) الآية ، منضمّاً إلى قوله تعالى (وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) (٢) فإنها تدلّ على قبولها ، وأنّهم منصورون إذا أنابوا وأسلموا.
وأما الأخبار الواردة في عدم قبول توبة المرتد الفطريّ ، فلا يستفاد منها أكثر من عدم صيرورتها دارءة للحدّ ، دافعة للقتل ونحوه ؛ إذ أظهرها دلالة صحيحة محمّد بن مسلم ، عن الباقر عليهالسلام : في المرتد ، فقال : «من رغب عن الإسلام وكفر بما انزل على محمّدُ بعد إسلامه ، فلا توبة له ، وقد وجب قتله ، وبانت منه امرأته ، ويقسم ما ترك على ولده» (٣)
وهي صحيحة على ما رواه الشيخ في ميراث المرتد وفي طريقها على ما في أوّل باب حدّ المرتدّ سهل بن زياد ، وهو سهل (٤). وفي طرق متعددة في الكافي والتهذيب مرويّة عن أبي عبد الله عليهالسلام وفي سندها سهل أيضاً (٥).
فإن ظاهر نفي جنس التوبة العموم ظاهراً وباطناً ، فيحمل على أنّه لا توبة له توجب
__________________
(١) الزمر : ٥٣.
(٢) الزمر : ٥٤.
(٣) التهذيب ١٠ : ١٣٦ ح ٥٤٠ ، الاستبصار ٤ : ٢٥٢ ح ٩٥٦ ، الوسائل ١٨ : ٥٤٤ أبواب حد المرتد ب ١ ح ٢.
(٤) انظر معجم رجال الحديث رقم ٥٦٢٩.
(٥) الكافي ٧ : ٢٥٦ ح ١ ، التهذيب ١٠ : ١٣٨ ح ٥٤٦.