وهو مع ندرته وندرة الاطلاع عليه خصوصاً في انعقاد النطفة يشكل باحتمال وقوع أوّل الصيغة قبل البلوغ ، إلا أن يكون نظرهم إلى تقديم الظاهر على الأصل ، وله وجه.
وأمّا الكلام في الحمل ؛ فقد ذكر فيه أنّه مسبوق بالإنزال من المرأة ، وأنّ عادة الله جرت على أنّ المرأة لا تحبل حتى يتقدّم منها حيض.
وفيه : مع ما تقدّم من إمكان المقارنة أنّ المعتبر من الحيض والمني ما يخرج من المخرج ، لا ما ينزل في الرحم وتخلّق فيه. وكيف كان فالنزاع في المسألة قليل الفائدة.
وأما الخنثى المشكل فتحيّضها بمجرّده لا يدلّ على البلوغ ، إلا إذا أمنى من مخرج الذكر كما عن الأكثر (١) ، وهو كما ذكروه.
وقد يقال هنا بطريق نظير ما تقدّم في الإنزال من أنّ خروج الحيض من مخرج الأُنثى دليل على كونها أُنثى ، كما إذا بالت منه ، وأن خروج الحيض من الرجل محال ، فكان دليلاً على التعيين ، ومتى ثبت التعيين ، كان دليلاً على البلوغ ، كما أنّ خروج المني من مخرج الذكر من الأُنثى محال ، فيكون دليلاً على رجولية الخنثى.
أقول : أما الأوّل فهو قياس.
وأما الثاني فهو استبعاد يدفعه وقوع أعجب منه ، وهو الإيلاد لآخر مع إيلاد الأخر منها كما في قصة شريح ، وهذا القول منسوب إلى بعض العامة (٢) ، وارتضاه في المسالك (٣) ، وهو غير جيد ، نعم لو اعتاد بذلك فيمكن الاعتماد.
وأما ما قيل من أنّ خروج الحيض والمني من المخرجين يوجب التعارض والتساقط ففاسد ؛ إذ لا يخرج الشخص في نفس الأمر عن الرجل والمرأة عند الشارع ، فما لا يلتبس من أجله الحكم ، فلا وجه لعدم اعتباره من أجله.
__________________
(١) المبسوط ٢ : ٢٨٣ ، التذكرة (الطبعة الحجرية) ٢ : ٧٤.
(٢) فتح العزيز ١٠ : ٢٨٢.
(٣) المسالك ٤ : ١٤٧.