أن ينوي الصوم بعد ما زالت الشمس؟ قال : «لا».
سئل : فإن نوى الصوم ثمّ أفطر بعد ما زالت الشمس ، قال : «قد أساء ، وليس عليه شيء إلا قضاء ذلك اليوم الذي أراد أن يقضيه» (١).
قال الشيخ : إنّه محمول على أنّه ليس عليه شيء من العقاب ؛ لأنّ من أفطر في هذا اليوم لا يستحق العقاب ، فإن أفطر بعد الزوال تلزمه الكفارة حسب ما قدّمناه ، وليس كذلك من أفطر في رمضان ؛ لأنّه يستحق العقاب والقضاء والكفارة (٢).
أقول : والأولى أن تحمل الرواية على أن يكون قوله عليهالسلام : «بعد ما زالت الشمس» ظرفاً لمجموع النية والإفطار ، ويكون المراد من قوله عليهالسلام : «قد أساء» أنه أساء في نيته بعد الزوال ، فإن اعتقاد صحّة الصوم بالنية بعد الزوال ، وأنّ الأكل بعده إفطار للصوم تشريع ، وهذا حمل وجيه للرواية ، بل لا يبعد ادّعاء ظهوره بملاحظة تمام الرواية.
وكيف كان فلا تعارض بمثلها الروايات المعتبرة المستفيضة جدّاً (٣) ، المعتضدة بالشهرة العظيمة والإجماعات المنقولة.
ثمّ إني بعد ما أُلهمت هذا التوجيه للرواية ، وحسبته من خواصّي ، راجعت المعتبر فوجدت ما ذكره هنا راجعاً إلى ما فهمته ، فحمدت الله عليه.
ثمّ رأيت الفاضل الأصفهاني في شرح الروضة أكثر البحث عليه ، وزيّف كلامه ، حيث لم يستجود تأويل الشيخ وذكر ما يؤول إلى ما ذكرنا ، وفهم رواية عمار كما فهمنا ، ونقلها بالمعنى اختصاراً ، وحسب الفاضل أنّه أُسقط من الرواية شيئاً ، فلم يطابق تأويله للرواية ، وزاد بذلك البحث عليه بما لا حاجة إلى نقله.
__________________
(١) التهذيب ٤ : ٢٨٠ ح ٨٤٧ ، الاستبصار ٢ : ١٢١ ح ٣٩٤ ، الوسائل ٧ : ٦ أبواب وجوب الصوم ب ٢ ح ١٠ ، وص ٢٥٥ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٩ ح ٤.
(٢) التهذيب ٤ : ٢٨٠.
(٣) انظر الوسائل ٧ : ٨ أبواب وجوب الصوم ب ٤.