اليقين تأمّلاً ؛ لصحيحة زرارة الدالّة على الاكتفاء بالظنّ (١) ، وحينئذٍ فالظاهر التعويل على شهادتهما ، إلا مع عدم الظنّ بشهادتهما (٢).
أقول : قد عرفت ما فيه ، واستشكال المدارك في محلّه ، إلا أنّ لزوم القضاء في مثل ذلك أيضاً غير معلوم ؛ لعدم ظهور اندراجه فيمن أفطر الصوم عمداً.
وأما ما قد يتوهّم من أنّ المستفاد من الأخبار أنّه يكفي العدل الواحد في المقامات الّتي يحتاج إلى العلم فكيف بالعدلين ، فهو ضعيف.
ومن جملة ما ذكره من المقامات ما رواه الشيخ ، عن إسحاق بن عمّار ، قال : سألته عن رجل كانت له عندي دنانير وكان مريضاً ، فقال لي : إن حدث بي حدث فأعط فلاناً عشرين ديناراً ، وأعط أخي بقيّة الدنانير ، فمات ولم أشهد موته ، فأتاني رجل مسلم صادق فقال لي : إنّه أمرني أن أقول لك انظر إلى الدنانير الّتي أمرتك أن تدفعها إلى أخي فتصدّق منها بعشرة دنانير أقسمها في المسلمين ، ولم يعلم أخوه أنّ عندي شيئاً ، فقال : «تصدّق منها بعشرة دنانير كما قال» (٣) فدلّت على ثبوت الوصيّة بقول الثقة.
ومنها : ما رواه بسند فيه العبيدي ، والصدوق بسنده عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن الصادق عليهالسلام : في حديث ، قال عليهالسلام فيه : «إنّ الوكيل إذا وكّل ثمّ قام عن المجلس فأمره ماضٍ أبداً ، والوكالة ثابتة حتى يبلغه العزل عن الوكالة بثقة يبلغه ، أو يشافهه العزل عن الوكالة» (٤) ، وصرّح الأصحاب بأنه لا ينعزل إلا مع العلم (٥) ، فظهر أنّ الثقة يقوم مقام العلم.
__________________
(١) التهذيب ٤ : ٣١٨ ح ٩٦٨ ، الوسائل ٧ : ٨٨ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٥١ ح ٢.
(٢) كفاية الأحكام : ٤٧.
(٣) الكافي ٧ : ٦٤ ح ٢٧ ، الفقيه ٤ : ١٧٥ ح ٦١٤ ، التهذيب ٩ : ٢٣٧ ح ٩٢٣ ، الوسائل ١٣ : ٤٨٢ كتاب الوصايا ب ٩٧ ح ١.
(٤) الوسائل ١٣ : ٢٨٧ كتاب الوكالة ب ٢.
(٥) منهم الشيخ الخلاف ٣ : ٣٤٢ مسألة ٣ ، والمحقّق في الشرائع ٣ : ١٩٣.