وعشرين ، وقد يكون نهاية ثلاثين ، فكيف يحكم بأنه هو هذا دون ذاك تمسّكاً بمطلق استصحاب عدم التأخّر؟!
نعم الاستصحاب يتمّ في حصول مراتب التأخّر في كلّ منها على حدة ، فإذا علمنا أنّ لزيد مثلاً مسكناً في موضع ، ولكن لا نعلم أنّ بناءه من الأجر أو الحجر أو من القصب والسعف ، فلا يمكننا إجراء استصحاب بقائه بعد مائة سنة لأجل وجوده في الزمان الأوّل ، بل الاستصحاب إنّما يجري على أقلّهما مكثاً في الدنيا.
فبقاء القمر بلا نور قد تقصر مدّته وقد تطول ، ويختلف بالنسبة إلى الأهلّة ، فاستصحاب مطلق المكث الذي هو معيار الكلام هنا ليثبت الحكم في الجميع أو في كلّ واحد لا يتم إلا في القدر المتيقّن.
فالاستصحاب لا يقتضي إلا الحكم بعدم الخروج إلى مقدار زمان التسع والعشرين ، وأما انقطاعه حينئذٍ أو استمراره إلى الثلاثين فلا يفيده الاستصحاب ، فيبقى المقام مبهماً لا نحكم عليه بشيء منهما.
وليس هنا مجال أن يتوهّم أنّ الاستصحاب إلى أقلّ الأزمان إن سلّم لتيقّنه ، لكن الخروج عن الاجتماع أمر وجودي والأصل عدمه ، وهو يقتضي تمام الثلاثين ؛ لأنّا لم نرد باعتبار استصحاب الأقلّ نفي الحكم عن الزائد والاستدلال به على الحكم بتسع وعشرين حتّى يعارض بأصالة عدم سرعة السير وعدم خروج القمر عن الاجتماع ، بل المراد أنّ الثابت بالاستصحاب إنّما هو هذا المقدار المشترك بينهما ، وهو لا يثبت شيئاً منها ، فما ذكره في المسالك من ترجيح العمل برواية الخمسة في صورة غمّ الجميع لترجيح الظاهر بحسب العادة والغلبة ، وترجيح العمل بعد ثلاثين في الشهرين والثلاثة للاستصحاب والتردد في أزيد من ثلاثة لا يرتبط بالدليل.
نعم يظهر من المدارك أنّ الحكم في الشهرين والثلاثة أيضاً إجماعيّ ، قال : وموضع الخلاف ما إذا غمّت شهور السنة أو أكثرها ، وأما الشهران والثلاثة فينبغي