القطع بعدّها ثلاثين لما ذكرناه من امتناع الحكم بدخول الشهر بمجرّد الاحتمال (١) ، وهو مشكل.
ويظهر من الروضة والمسالك وقوع الخلاف فيه حيث جعله أقوى (٢) ، وقد ظهر مما ذكرنا خلافه.
ثمّ إنّه رحمهالله وجه الاستصحاب هنا بطريقين :
الأوّل : أن يقال إنّ الشهر المعيّن مثل شعبان واقع ثابت ، والأصل استمراره ، إلى أن يتحقق الزوال ، وليس إلا بمضي ثلاثين ، وكذا في غيره.
والثاني أن يقال : إذا حصلت الخفية للهلال وهو المحاق فالأصل بقاؤها وعدم إمكان الرؤية ، إلى أن يتحقق خلافه بمضي ثلاثين (٣).
أقول : قد عرفت عدم إمكان التمسّك بالاستصحاب على الوجه الثاني.
وأما الوجه الأوّل ؛ فإن كان مراده من قوله «الشهر المعيّن ثابت واقع» ثبوته ووقوعه بما هو شهر فهو أيضاً يرجع إلى الثاني ؛ إذ لا تتم حقيقة الشهر إلا بانقضاء زمان خفاء الهلال في أخره ، وقد عرفت عدم جريان الاستصحاب فيه.
وإن أراد منه استصحاب الأحكام الواردة فيها مثل وجوب الصوم في رمضان وتأكّد استحبابه في شعبان ، وتأكد استحباب التعزية في المحرّم ونحو ذلك ، ففيه : أنّه إنّما يتمّ إذا كان الواجب في رمضان مثلاً هو الصوم ، والمستحب المؤكّد في شعبان هو الصوم لا صوم رمضان وشعبان ، وكذلك المحرّم في السفر هو صوم رمضان ، لا الصوم في رمضان ، وهو في محل المنع ، والفرق بينهما واضح.
ويتفرّع على هذا الأصل فروع :
منها : جواز الصوم المندوب في شهر رمضان في السفر على القول بجوازه ، وكذا
__________________
(١) المدارك ٦ : ١٨٧.
(٢) الروضة البهيّة ٢ : ١١٣ ، المسالك ٢ : ٥٦.
(٣) المسالك ٢ : ٥٦.