الصوم المنذور تفريعاً على أنّ الحرام هو صوم رمضان في السفر ، لا الصوم في رمضان.
والأظهر بالنظر إلى تتبّع النظائر هو الثاني ، فإنه يفيد أنّ ظرف الزمان من مميزات المهيّة ، كما نشاهد في غسل الجمعة وغسل العيد وغير ذلك ، بل وكذلك ظرف المكان والأفعال ، كغسل الإحرام والتوبة ودخول مكّة والمدينة ونحو ذلك.
وعلى هذا فيدخل في مهيّة تلك الأحكام المستصحبة تعلّقها بالشهر بما هو شهر ويعود المحذور.
ثمّ إنّك قد عرفت دليل الرجوع إلى عدّ الخمسة بأنه روايتا عمران الزعفراني (١) وغيرهما (٢) ، وهي مع ضعفها (٣) لا دلالة فيها على صورة غمّة الشهور كلّها كما لا يخفى ، ولا غمّة أكثر من شهر ، ولا بدّ من تقييدها بغير السنة الكبيسية كما عرفت.
وأما القول بالنقيصة مطلقاً فقال في المسالك : فليس فيه بيان الناقص ، ولكن إحالته على العادة يقرّبه من رواية الخمسة (٤).
أقول : والظاهر أنّ مراد القائل : «إنّ العادة تقتضي البناء على النقيصة ونقصان ستة أيام» من كلّ السنة ، وإذ لا مرجّح في تعيّنها في بعض الشهور دون بعض ، فمقتضى الأصل وعدم جواز الترجيح بلا مرجّح وبقاء التكليف تخيير المكلّف في جعل النقيصة في أيّ شهر أراد ، لا بمعنى جعل الجميع في شهر مثلاً ، بل جعل كلّ يوم في شهر حتى يكمل العدد.
والأولى أن لا يجعل شهرين متواليين ناقصاً وإن كان قد يتّفق ذلك ، بل قد رأينا
__________________
(١) الكافي ٤ : ٨٠ ح ١ ، ٤ ، التهذيب ٤ : ١٧٩ ح ٤٩٦ ، ٤٩٧ ، الاستبصار ٢ : ٧٦ ح ٢٣٠ ، ٢٣١ ، الوسائل ٧ : ٢٠٥ أبواب أحكام شهر رمضان ب ١٠ ح ٣ وذيله ، قال : انظر اليوم الذي صمت فيه من السنة الماضية ، وعدّ خمسة أيّام وصم اليوم الخامس.
(٢) الوسائل ٧ : ٢٠٥ أبواب أحكام شهر رمضان ب ١٠.
(٣) لأنّ عمران مجهول ، انظر معجم رجال الحديث رقم ٩٠٦٨.
(٤) المسالك ٢ : ٥٧.