ولموافقتها للأصل ونفي العسر والحرج ، وأكثريتها وأصحيّتها وأوضحيّتها ، فنحملها على الاستحباب.
وأما الرواية الثانية : فالأمر بالتصدّق يدلّ على وجوب الابتداء بالعتق ، وحملها على أنّهُ كان يعلم عجزه عن الآخرين تأويل ، وليس بأولى من إرادة ذكر أحد أفراد الواجب المخيّر.
وأما آخر الرواية ؛ فنقل حكاية جميل قول أصحابه في معنى حديث مرسل ، ولا حجية فيه ، وكأنه أراد أنّي لم أسمع إلا حكاية التصدّق ، ولكن أصحابنا قالوا : إنّه بدأ بالعتق إلى أخره.
مع أنّه لا دلالة في الابتداء بالعتق على تعيّنه ، فلعله للفضيلة ، مضافاً إلى أنّ كلمة «أو» ظاهرة في التخيير.
وأما الثالثة : فمع تسليم سندها ، فهو أعمّ من التعيين ، فلعلّه في الأفضليّة.
سلّمنا ؛ لكنها معارضة بالأخبار الكثيرة التي عيّن فيها غيره (١) ، مع أنّ بعضها لا يقبل التأويل بأنّه من جهة أنّ الإمام كان يعلم عجزه عن غيره ، مثل أنّ الراوي سأل عن رجل فعل كذا ؛ فقال : يكفّر كذا ؛ لأنّ ذلك سؤال عن صورة فرضه.
هذا كلّه مع ما عرفت من أنّ التوجيه والتأويل في هذه الأخبار ألصق وأنسب وأولى من جهة قربه هنا دون أخبارنا ، ومن جهة أنّ إرجاع الأضعف إلى الأقوى متعيّن ، ولا يجوز العكس.
ثمّ إنّهم اختلفوا في ثبوت الفرق بين الإفطار بالمحرّم والمحلّل ، وعدمه ، فظاهر إطلاق الأكثر عدم الفرق ، ونسبه العلامة إلى المشهور في المختلف (٢).
وذهب جماعة من الأصحاب إلى الفرق ، وهو مذهب الصدوق (٣) والشيخ
__________________
(١) الوسائل ٧ : ٢٨ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٨.
(٢) المختلف ٣ : ٤٤٨.
(٣) الفقيه ٢ : ٧٣ ح ٣١٧.