في قوله تعالى : «والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا» هو المجاهدة مع النّفس بتخليتها عن الرذائل وتحليتها بالفضائل ، وهي التي كانت أكبر من الجهاد ، لا (١) النّظر والاجتهاد ، وإلّا (٢) لأدّى إلى الهداية ، مع أنه يؤدي إلى الجهالة والضلالة إلّا إذا كانت هناك منه تعالى
______________________________________________________
بتحصيل المعرفة به وبأنبيائه وأوليائه عليهمالسلام فقد هداه الله تعالى وجعل له مخرجا ، فالمكلف امّا عالم مؤمن وهو المجاهد في سبيل ربه لتحصيل المعرفة ، واما جاهل مقصر كافر وهو التارك للمجاهدة بتحصيل المعرفة ، فلا وجود للقاصر.
وحاصل جواب المصنف عنه : أن المراد بالمجاهدة هو جهاد النّفس الموصوف في الاخبار بالجهاد الأكبر بتخلية النّفس عن الرذائل وتحليتها بالفضائل ، ومن المعلوم أنه تعالى وعده بهدايته لسبيله ، لأنه قد سلك إليه ، ولا خلف لوعده تعالى. وليس المراد من المجاهدة في الآية الشريفة الاجتهاد والنّظر في المطلب العلمية التي منها أصول الدين حتى تكون المجاهدة مؤدية إلى الواقع ولا يقع فيها الخطأ أصلا ، إذ لو كان المقصود من المجاهدة النّظر في المطالب العلمية لزم ـ بمقتضى قوله تعالى : «لنهدينهم سبلنا» ـ إصابة الاجتهاد بالواقع دائما ، مع وضوح التخلف في كثير من الاجتهادات ، وهذا التخلف شاهد على أن المقصود من الآية المباركة هو الحث على مجاهدة النّفس بترك العمل بمشتهياتها ، لا الترغيب على خصوص تحصيل العلم.
(١) معطوف على «المجاهدة» أي : ليس المراد من المجاهدة النّظر والاجتهاد.
(٢) أي : ولو كان المراد بالمجاهدة الاجتهاد والنّظر لزم اصابته دائما ، مع أنه يخطئ كثيرا بشهادة الوجدان ، فضمير «أنه» راجع إلى النّظر والاجتهاد.