الفحص (١) (*) واليأس عن الظفر بدليل
______________________________________________________
(١) يعني : أن رتبة الأصل العملي متأخرة عن الدليل ، فلا تصل النوبة إليه إلّا بعد اليأس عنه ، لتوقف وجود موضوع الأصل العملي ـ وهو الشك في الواقع ـ على عدم الدليل عليه ، فمعه لا موضوع للأصل ولو تعبدا.
ثم ان توصيف الأصول العملية بما أفاده انما هو لإدراجها في المسائل الأصولية وإخراج القواعد الفقهية كقاعدة «ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده» عنها.
أما الأول ، فلان الأصول العملية لا تقع في طريق الاستنباط ، لعدم انطباق ضابط المسألة الأصولية عليها حتى تكون من المسائل الأصولية التي هي كبريات القياسات المنتجة ـ بعد ضمّ صغريات إليها ـ لأحكام كلية فرعية ، إذ ليست الأصول العملية إلّا وظائف للجاهل بالحكم الشرعي الواقعي بعد اليأس عن الظفر بدليل عليه من دون أن تقع في طريق الاستنباط ليستنتج منها حكم كلي فرعي ، فلا بد من تعميم القواعد الأصولية لما ينتهي إليه المجتهد بعد الفحص عن الدليل على الحكم وعدم الظفر به حتى تندرج الأصول العملية في المسائل الأصولية.
__________________
(*) فيترتب على هذه الأصول العلم بالحكم الظاهري عند القائل به ، وعلى القواعد الممهدة للاستنباط العلم بالحكم الواقعي أو ما هو بمنزلته على اختلاف الأقوال في حجية الأمارات ، ولا يلزم إشكال تعدد علم الأصول من ترتب هذين الغرضين على مسائله ، وذلك لوحدة الغرض المترتب على جميعها حيث انه ليس إلّا المنجزية أو المعذرية عقلا أو شرعا الموجبة للأمن من العقوبة الّذي يهتم لتحصيله العقل ، فلا ينثلم ما قيل من : أن تمايز العلوم تمايز الأغراض باختلاف ما يترتب على القواعد الممهدة وعلى الأصول العملية.