.................................................................................................
______________________________________________________
والحاصل : أن إيجاب الاحتياط ـ بناء على طريقيته ـ وان كان وظيفة فعلية ، لكنه لا يوجب العلم بالواقع حتى يرفع موضوع حديث السعة ـ وهو الجهل بالحكم الواقعي ـ بل الحكم الواقعي باق على مجهوليته ، فلا يكون إيجاب الاحتياط رافعا لموضوع حديث السعة ليقدم دليله عليه ورودا أو حكومة بل هما متعارضان ، لظهور حديث السعة في الترخيص من ناحية الإلزام المجهول فالمكلف في سعة منه ، وظهور دليل الاحتياط الطريقي في أن إيجابه انما هو لأجل التحفظ على الإلزام المجهول ، فالمكلف في ضيق منه ، فهما متعارضان ، والمرجع فيهما قواعد التعارض.
وان كان إيجابه نفسيا تم ما ذكره (قده) من وقوع المكلف في الضيق وتقدم أدلة الاحتياط على حديث السعة ، وذلك لأن المكلف بعد العلم بوجوب الاحتياط يقع في ضيق من أجله ، لكون وجوبه حينئذ مما يعلم ، فيكون رافعا لموضوع حديث السعة فيقدم عليه ، ولا يقع في الضيق من أجل الحكم الواقعي المجهول حتى يعارض الحديث ، لأن وجوب الاحتياط ـ حسب الفرض ـ حكم نفسي ناش عن ملاكه ، وليس ناشئا من الواقع المجهول ، وحينئذ فمع العلم بالوظيفة الفعلية لا يبقى موضوع لحديث السعة ، فيتم ما ذكره الشيخ الأعظم (قده) من تقدم أدلة الاحتياط عليه ، هذا.
ولكن وجوبه النفسيّ غير ثابت ، بل قد عرفت في الاستدلال بحديث الرفع أن وجوبه طريقي شُرِّع لأجل التحفظ على الواقع المجهول وعدم وقوع المكلف في مخالفة الواجب أو الحرام أحيانا ، وعليه فلا يبقى مجال لدعوى تقدم أدلته على الحديث ورودا أو حكومة ، بل يقع بينهما التعارض ، فلا بد من إعمال قواعده.