فانه يقال (١) : لم يعلم الوجوب أو الحرمة
______________________________________________________
(١) هذا جواب عن إشكال الشيخ (قده) توضيحه : أن وجوب الاحتياط الشرعي المستفاد مما دل عليه يمكن أن يكون إرشاديا وأن يكون مولويا ، أما كونه إرشاديا فسيأتي بيانه ، وأما كونه مولويا ، فاما أن يكون طريقيا بمعنى أنه يجب الاحتياط لأنه طريق إلى الحكم الواقعي المجهول من الوجوب أو الحرمة ، فيكون الملاك الداعي إلى إيجاب الشارع للاحتياط هو مجرد حفظ الواقع في ظرف الجهل به ، فلا ثواب على موافقة أمر هذا الاحتياط ، كما لا عقاب على مخالفته. واما أن يكون نفسيا بمعنى أنه ـ في ظرف الجهل بالواقع ـ يجب الاحتياط في نفسه بفعل محتمل الوجوب وترك محتمل الحرمة ، وليس الملاك في هذا النحو من الاحتياط النّظر إلى الواقع والتحفظ عليه ، بل الملاك فيه جعل المكلف أشد مواظبة وأقوى عزما على فعل الواجبات وترك المحرمات فالداعي إلى إيجاب الاحتياط هو تشديد مواظبة المكلف وتقوية عزمه على أداء تكاليفه بلا نظر إلى الواقع ، فيترتب الثواب والعقاب حينئذ على موافقة أمر هذا الاحتياط ومخالفته.
فان كان إيجاب الاحتياط طريقيا لم يتم ما ذكره (قده) من أن العلم بالحكم الظاهري كوجوب الاحتياط يُخرج المكلف عن السعة ، لأنه رافع لموضوعها وهو عدم العلم بالحكم ، فيقدم أدلته عليه. وجه عدم تماميته : أن العلم بوجوب الاحتياط طريقيا لا يستلزم العلم بالوجوب أو الحرمة الواقعيين حتى يقع المكلف في ضيق منهما ، وذلك لأنه بعد العلم بوجوب طريق مثل الاحتياط لا يصير ذو الطريق المجهول من الوجوب أو الحرمة الواقعيين معلوما ، إذ العلم بوجوب الاحتياط لا يوجب العلم بالواقع حتى يكون مما يعلم ويقع المكلف في الضيق من أجله.