.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
وقال الشيخ في الفصل الّذي عقده للبحث عن أن الأشياء هل هي على الحظر أو الإباحة ما لفظه : «وذهب كثير من الناس إلى أنها على الوقف ويجوز كل واحد من الأمرين فيه وينتظر ورود السمع بواحد منهما ، وهذا المذهب كان ينصره شيخنا أبو عبد الله رحمهالله ، وهو الّذي يقوى في نفسي. والّذي يدل على ذلك : أنه قد ثبت في العقول أن الإقدام على ما لا يأمن المكلف كونه قبيحا مثل اقدامه على ما يعلم قبحه ... إلى أن قال بعد ذكر أدلة القائلين بالحظر والإباحة : واستدلوا أيضا بقوله تعالى : قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ، وأحل لكم الطيبات وما شاكل ذلك من الآيات ، وهذه الطريقة مبنية على السمع ، ونحن لا نمتنع أن يدل دليل من السمع على أن الأشياء على الإباحة بعد أن كانت على الوقف ، بل عندنا الأمر على ذلك ، وإليه نذهب ، وعلى هذا سقط المعارضة بالآيات» (١) ومن المعلوم أن المقصود من «الطيب» هو المباح الواقعي ، ولا ربط له بالإباحة الظاهرية التي هي محل النزاع. هذا مضافا إلى منع دلالة كلام الشيخ على الإجماع على الإباحة ، لمعارضته لما ذكره في موضع آخر من العدة في أن الأصل في الحيوان الحرمة وفي غيره الإباحة ، من ابتنائه على القول بأصالة الإباحة ، قال : «وأما بناء على كون الأشياء على الحظر والمنع ، فالجميع يحرم» وهذا ظاهر في اختلاف الأصحاب في عصر الشيخ وقبله في المسألة فكيف ينسب إليه الإجماع على البراءة.
وأما كلام ثقة الإسلام في ديباجة الكافي ، فالظاهر أنه أجنبي عن البراءة فيما لا نصّ فيه ، فانه في الخبرين المتعارضين حكم بالتخيير ، لوجود الحجة عليه بقوله
__________________
(١) عدة الأصول ، ج ٢ ، ص ١٢٢ طبعة بمبئي.