.................................................................................................
______________________________________________________
وببيان أوضح : أن قاعدة دفع الضرر المحتمل مؤلفة من صغرى وهي قولنا : «احتمال الحرمة يوجب احتمال العقوبة» وكبرى وهي قولنا : «وكل ما يوجب احتمال العقوبة يجب دفعه ، فاحتمال الحرمة يجب دفعه» ومع العلم بعدم العقاب فيما نحن فيه ـ بمقتضى حكم العقل بقبحه بدون البيان الواصل إلى المكلف ـ لا تتحقق صغرى القاعدة حتى تنضم إليها كبراها وهي وجوب الدفع ليتم القياس وينتج المطلوب وهو وجوب دفع عقوبة مخالفة التكليف المحتمل. ومجرد حكم العقل بالكبرى ـ وهي وجوب دفع العقاب المحتمل ـ لا يكفي في إثبات الصغرى أعني احتمال العقوبة ، وذلك لأن الكبريات الكلية لا تحرز صغرياتها في شيء من الموارد ، بل لا بد من إحرازها من الخارج حتى يصح تطبيق كبرياتها عليها. وفي المقام كذلك ، فان الكبرى ـ أعني وجوب دفع العقاب المحتمل ـ لا تتكفل لإثبات الصغرى أعني احتمال العقاب ، بل لا بد من إحراز الصغرى من الخارج حتى تنطبق عليها الكبرى ، ولا يمكن إثباتها بنفس الكبرى ، للزوم الدور ، وذلك لأن الصغرى تتوقف حينئذ على الكبرى ، والمفروض أن الكبرى أيضا متوقفة على الصغرى وهو الدور.
والوجه فيه واضح ، فان وجوب دفع العقاب المحتمل متأخر رتبة عن احتمال العقاب ، لأن احتمال العقاب موضوع له ، فما لم يثبت لم يجب دفعه ، وهو ـ يعني احتمال العقاب ـ متأخر عن ثبوت بيانية هذا الاحتمال ، فيكون وجوب دفع احتمال العقاب متوقفا على احتمال العقاب ، واحتماله متوقفا على ثبوت بيانية هذا الاحتمال ، فينتج أن وجوب الدفع متوقف على ثبوت بيانية هذا الاحتمال ، فلو أريد إثبات بيانية هذا الاحتمال بوجوب دفع احتمال العقاب كان ثبوت البيان متوقفا على وجوب الدفع ، فيكون وجوب الدفع متوقفا على