توقفه (١) على ثبوته توقف العارض على معروضه (*) فكيف يعقل
______________________________________________________
والمصنف أورد عليه بأن تعلق الأمر المولوي بالاحتياط لا يدفع الإشكال أيضا ، لكونه مستلزما للدور الّذي قد مرّ تقريبه آنفا. ثم ان ما ذكرناه من التعريض قد أفاده في حاشية الرسائل بعبارة موجزة بقوله : «ومن هنا ظهر القدح في قوله : ودعوى أن العقل ... إلخ ولو قلنا بالملازمة أيضا بين هذا الحسن والأمر الشرعي المولوي ، فانه لا حسن إلّا للاحتياط ، والمفروض توقف تحققه هاهنا على الأمر».
(١) أي : توقف الأمر بالاحتياط ، وضمير «ثبوته» راجع إلى الاحتياط ، و «توقف العارض» مفعول مطلق نوعي ، يعني : أن الأمر بالاحتياط عارض على الاحتياط فيتوقف على ثبوت الاحتياط ، لكونه متأخرا عنه كما هو الحال في جميع العوارض بالنسبة إلى معروضاتها ، حيث انها متأخرة عن معروضاتها سواء كان ذلك في الوجود الخارجي كالبياض العارض على الجدار ، أم في عارض الوجود الذهني كالجنسية والنوعية في قولنا : الحيوان جنس والإنسان نوع.
وبالجملة : فالأمر بالاحتياط لكونه عارضا عليه متوقف على الاحتياط ومتأخر عنه ، فلا يعقل أن يكون الأمر من مبادئ وجود الاحتياط ومتقدما عليه ، مثلا الأمر بالصلاة عارض على الصلاة ، فلا بد من فرض وجود الصلاة ـ بجميع
__________________
(*) ولا يخفى أن محذور الدور قد أورد به الشيخ الأعظم في ثاني تنبيهات أصل البراءة على استدلال الشهيد في الذكرى في خاتمة قضاء الفوائت على شرعية قضاء الصلوات ، لكنه لم يتعرض له في الجواب عن استكشاف الأمر الشرعي من حسن الاحتياط بقاعدة الملازمة ، فأورد عليه المصنف بما عرفت من أنه كما يستلزم استكشاف الأمر المولوي بالاحتياط من الآيات الآمرة بالتقوى للدور ، فكذا استكشافه من قاعدة الملازمة دوري أيضا ، فكان المناسب التنبيه عليه ، وعدم الاقتصار في الإشكال على كون الأمر بالاحتياط إرشاديا.