.................................................................................................
______________________________________________________
أن استكشاف الأمر المولوي بالاحتياط ـ على تقدير استفادته من قاعدة الملازمة ـ لا يدفع الإشكال ، لأن الاحتياط في العبادة عبارة عن إتيان العمل العبادي بجميع ما يعتبر فيها شطرا كالسورة بالنسبة إلى الصلاة وشرطا كالطهارة لها ، ومنه الإتيان بقصد أمرها وهو المراد بقصد القربة ، فيعتبر في تحقق الاحتياط كون ذلك العمل العبادي مأمورا به حتى يتصف إتيانه ـ بقصد أمره ـ بالاحتياط في العبادة ، يعني : أنه باعتبار أن الاحتياط في العبادة هو الإتيان بجميع ما له دخل فيها ومنه قصد الأمر ، فالأمر مقدم على الاحتياط تقدم الموضوع على حكمه والعلة على معلولها ، وباعتبار أن الأمر يستكشف من الاحتياط ويتولّد منه ـ حسب الفرض ـ فالامر مؤخر عن الاحتياط تأخر الحكم عن موضوعه والمعلول عن علته ، فالأمر بالاحتياط متوقف على ثبوت الاحتياط ، وثبوت الاحتياط متوقف على الأمر به ، وهو دور باطل. وعليه فأوامر الاحتياط ـ وان كانت مولوية ـ لا تصلح لإثبات مشروعية الاحتياط في العبادة.
فالمتحصل : أن حسن الاحتياط عقلا لا يدل بقاعدة الملازمة على تعلق الأمر المولوي به أوّلا ، إذ الأمر المتعلق بالاحتياط كالأمر بالإطاعة الحقيقية إرشادي ، ومن المعلوم أن الأمر الإرشادي لا يصلح للتقرب به. ولو سلم استكشاف تعلق الأمر المولوي بالاحتياط من قاعدة الملازمة لا يدفع ذلك أيضا إشكال جريان الاحتياط في العبادات عند دوران الأمر بين الوجوب وغير الاستحباب ، للزوم الدور ثانيا بالتقريب المتقدم.
ومن هنا يظهر أن قوله : «ولو قيل بكونه موجبا لتعلق الأمر به شرعا» تعريض بما يظهر من كلام الشيخ الأعظم من أن المانع المنحصر من التقرب به هو إرشادية الأمر المتعلق بالاحتياط ، فلو كان أمره مولويا أمكن التقرب به