العبادة لما كان محيص عن دلالته (١) اقتضاء على أن المراد به ذاك المعنى بناء (٢) على عدم إمكانه (٣) فيها بمعناه حقيقة كما لا يخفى ـ
______________________________________________________
في مثل قوله تعالى : «واسأل القرية» إلى حمله على المجاز في الحذف بتقدير «الأهل» فانه إذا قام دليل على الترغيب في الاحتياط في خصوص العبادة كقضاء الصلوات لمجرد خلل موهوم فيها ولم يمكن إرادة معناه الحقيقي ، لعدم إحراز الأمر حسب الفرض حتى يقصده ويتصف الفعل بكونه عباديا ، فانه لا بد حينئذ من تجريد الفعل عن نية التقرب والإتيان به كذلك امتثالا لأمر الشارع بالاحتياط ، وارتكاب هذا المعنى المجازي مما لا بد منه صونا لكلام الحكيم عن اللغوية ، إذ لو لم يجرد الفعل عن قصد القربة لم يمكن الاحتياط فيه ، فلا بد من تعلق الأمر الاحتياطي بما عدا القربة من الأجزاء والشرائط.
والحاصل : أن ارتكاب هذا المعنى المجازي منوط بورود الأمر بالاحتياط في خصوص العبادة ، ولا وجه لصرف أوامر الاحتياط عن ظاهرها إلى هذا المعنى المجازي.
(١) يعني : دلالة الدليل على الترغيب ، وضمير «به» راجع إلى الاحتياط و «ذاك المعنى» يعني المجازي.
(٢) قيد لقوله : «ان المراد به ذاك المعنى» وغرضه : أن الالتزام بالمعنى المجازي ـ لو ورد أمر بالاحتياط في العبادة ـ لدلالة الاقتضاء إنما هو إذا تعذر حمل ذلك الأمر على معناه الحقيقي ، كما هو كذلك بناء على عدّ قصد القربة من الأجزاء والشرائط. وأما بناء على كونه من كيفيات الإطاعة ، فلو فرض ورود أمر بالاحتياط في خصوص العبادة أمكن حمله على معناه الحقيقي ، لعدم كون القربة في عداد سائر الشرائط كما سيظهر.
(٣) أي : إمكان الاحتياط في العبادة بمعناه الحقيقي.