وقد عرفت أنه (١)
______________________________________________________
(١) الضمير للشأن ، يعني : قد عرفت في الأمر الخامس من مباحث القطع عدم وجوب الموافقة الالتزامية ، حيث قال : «هل تنجز التكليف بالقطع كما يقتضي موافقته عملا يقتضي موافقته التزاما أولا يقتضي ... الحق هو الثاني» وغرضه من هذا الكلام هنا بيان توهم وجود مانع عقلي عن جريان أصالة الحل في دوران الأمر بين المحذورين.
توضيح التوهم : أن العقل كما يستقل بوجوب إطاعة الشارع عملا كذلك يحكم بوجوب إطاعته التزاما بمعنى لزوم التدين والالتزام القلبي بأحكامه ،
__________________
والثاني بمحكوميته باستصحاب التخيير. لكنه لا يخلو من مسامحة ، إذ يعتبر في حكومة الأصل السببي على المسببي أن يكون التسبب شرعيا كما في المثال المعروف أعني غسل الثوب المتنجس بالماء المستصحب الطهارة ، ومن المعلوم أن ارتفاع الحكم المختار باستصحاب التخيير عقلي لا شرعي. وعليه فلا بد في المنع عن استصحاب الحكم المختار من التماس وجه آخر.
وأما المخالفة العملية القطعية فالظاهر ترتبها على التخيير الاستمراري ، لتولد علمين إجماليين آخرين أحدهما العلم الإجمالي بوجوب أحد الفعلين ، والآخر العلم الإجمالي بحرمة أحدهما ، وامتثال هذين العلمين مستحيل ، لأن الجمع بين الفعلين والتركين معا متعذر ، فيسقط العلمان عن التنجيز بالنسبة إلى الموافقة القطعية ، إلّا أنهما باقيان بالنسبة إلى المخالفة القطعية ، لإمكان مخالفة العلمين بالفعل في كل من الواقعتين أو الترك كذلك ، فيتعين الموافقة الاحتمالية بالفعل مرة والترك أخرى حذرا من القطع بالمخالفة. ومنه يظهر أن ما في بعض الحواشي من أنه لا عبرة بهذا العلم لأنه منتزع من العلوم الإجمالية لا يخلو من خفاء ، لوضوح الفرق بين الانتزاع والتولد.