.................................................................................................
______________________________________________________
أمور ثلاثة : أحدها أصل صدوره ، ثانيها دلالته على المراد وعدم إجماله ، ثالثها جهة صدوره ، أعني : إحراز أنه صدر لبيان الحكم الواقعي لا لتقية مثلا ، ومن المعلوم أن إحراز هذه الأمور ـ في ظرف الانفتاح ـ لا بد أن يكون بعلم أو علمي فقط ، ولا يكفي إحرازها بالظن المطلق ، فإذا ورد في سند رواية «عن ابن سنان» مثلا فلا بد من تحصيل الوثوق بأنه عبد الله بن سنان الثقة ، لا محمد بن سنان الضعيف. وهكذا الكلام بالنسبة إلى دلالة الخبر وجهة صدوره ، وهل في حال الانسداد ـ كما هو المفروض ـ يتنزل من العلم إلى مطلق الظن ولو بمرتبته الضعيفة أم اللازم تحصيل المرتبة القوية منه وهي الموجبة للاطمئنان مثلا ، وجعل الاحتمال الآخر المخالف للظن ضعيفا جدا؟ اختار المصنف وجوب تقليل الاحتمال والأخذ بخصوص الاطمئنان إذا أمكن ، وذلك لأنه بناء على كون نتيجة مقدمات دليل الانسداد حجية الظن حكومة لا يبعد استقلال العقل بالحكم بوجوب تضعيف احتمال خلاف الظن من تقليل الاحتمالات المتطرقة في السند أو غيره ، مثلا إذا ظن بأن زرارة الراوي هو ابن أعين ، وكان احتمال أنه ابن لطيفة مثلا ناشئا من أمور يمكن سدّ بعضها بالحجة من علم أو علمي حتى يصير الظن بأنه ابن أعين في أعلى مراتبه ، فمقتضى القاعدة وجوب السد ، لأن العقل الحاكم بكفاية الإطاعة الظنية انما يحكم بكفاية خصوص الظن الاطمئناني منها ، لأنه أقرب إلى الواقع من غيره ، فمع التمكن منه لا تصل النوبة إلى غيره من الظنون الضعيفة. فعلى هذا يجب تقليل الاحتمالات سواء كانت في السند أم الجهة أم الدلالة. وهذا خلافا لما حكي عن بعضهم من التفصيل في وجوب تقليل الاحتمالات بين الصدور وغيره ، وأنه لو فرض إمكان تحصيل العلم أو العلمي بالصدور في مسألة كان باب العلم بحكم تلك المسألة مفتوحا