وإن اتفق المعنى واختلف اللفظ نحو ما تقدّم من : «ذهب زيد وانطلق عمرو» ، فمذهب سيبويه والمبرد ومن أخذ بمذهبهما الإتباع والقطع في أماكن القطع. ومذهب أبي بكر القطع ليس إلّا لما نبيّن بعد.
وإن اتفق اللفظ والمعنى نحو ما تقدم من : «قام زيد وقام عمرو» ، فمذهب كافة النحاة الإتباع والقطع في أماكن القطع ، إلّا أبا بكر فإنّه يقطع ولا يجيز الإتباع إلا بشرط أن يقدر الاسم الثاني الذي يقطع بعده معطوفا على الاسم الأول ، ويكون العامل الثاني تأكيدا للأول غير عامل في الاسم الثاني ، فحينئذ يجوز الإتباع والقطع ، لأن العامل واحد ، نحو : «قام زيد قام عمرو» ، إذا جعلت «قام» الثاني تأكيدا للأول.
فأما امتناع تفريق النعوت وجمع المنعوتين في أسماء الإشارة ، فسبب ذلك أن كل نعت لا بد له من ضمير يعود على الموصوف لربطه به ، إلّا أسماء الإشارة فإنها لا توصف إلّا بالجوامد ، نحو : «مررت بهذا الرجل» ، وإن وصفت بالمشتق فعلى أن يكون قائما مقام الجامد ، نحو : «مررت بهذا العاقل» ، تريد بهذا الرجل العاقل ، فحذفت الموصوف وأقمت الصفة مقامه ، ولذلك يقل مجيئه بالمشتق في صفة المشار إليه. فإذا تقرر أنها توصف بالجوامد والجوامد لا تحتمل الضمير ، جعلوا نائبا عن الضمير في الربط كونه موافقا لموصوفه في الإفراد والتثنية والجمع ، فلذلك لم يجز أن تقول : مررت بهذين الطويل والقصير ، لأنك لو فعلت ذلك لزالت المشاكلة التي هي الرابط بين الصفة والموصوف في أسماء الإشارة كما تقدم.
وأما امتناع الإتباع إذا اختلف الإعراب فلأن أحد المنعوتين يطلب النعت مرفوعا والآخر يطلبه منصوبا أو مخفوضا ، ولا يتصور أن يكون اسم واحد في حين واحد مرفوعا وغير مرفوع.
وأما امتناع الإتباع إذا كان بعض المنعوتين مستفهما عنه وبعضهم غير مستفهم عنه فمن قبل أنّ النعت داخل فيما يدخل فيه المنعوت في المعنى ، فإذا قلت : من أخوك العاقل؟ فالعاقل مستفهم عنه كالأخ ، حتى كأنك قلت : «من العاقل»؟ والمستفهم عنه مجهول. وإذا قلت : «هذا زيد العاقل» ، فالعاقل خبر هذا كزيد ، حتى كأنك قلت ، «هذا العاقل» ، فالعاقل معلوم ، فلو قلت : «هذا زيد ومن أخوك العاقلان» ، على النعت لزيد والأخ ، لوجب أن يكون «العاقلان» معلوما مجهولا في حالة واحدة ، فلذلك عدل إلى القطع.
وأما امتناع الإتباع إذا اختلف جنس العامل فسببه أن النعت داخل في معنى المنعوت ، كما تقدم ، فإذا قلت : «قام زيد العاقل» ، فالعاقل فاعل في المعنى ، كأنك قلت : قام العاقل.
جمل الزجاجي / ج ١ / م ١١