وقوله [من الرجز] :
* أنا ابن ماويّة إذ جدّ النّقر*
ألا ترى أنّ العامل في «بعض الأحيان» و «إذ» ما في «المنهال» وفي «ابن ماويّة» من معنى المشهور والمعروف. كأنّه قال : أنّا المشهور بعض الأحيان ، وأنا المعروف إذ جدّ النقر.
فإذا كان العامل فيها فعلا أو ما جرى مجراه جاز تقديمها على العامل ما لم يمنع من ذلك مانع ، نحو قولك : «خلفك قعدت» ، و «يوم الجمعة جئت» و «ضاحكا خرج زيد».
وإن كان العامل فيها معنى الفعل جاز التقديم أيضا ، فتقول : «إذ جدّ النقر أنا ابن ماويّة» ، و «بعض الأحيان أنا أبو المنهال». ومن كلامهم : «أكلّ يوم لك ثوب تلبسه»؟ العامل في «كل يوم» ما في «لك» من معنى الفعل ، كأنه قال : «أكلّ يوم مستقرّ لك ثوب تلبسه»؟ ولا يمكن أن يكون العامل فيه «تلبسه» ، لأنه صفة وتقديم المعمول يؤذن بتقديم العامل ، فيؤدّي ذلك إلى تقديم الصفة على الموصوف ، وذلك غير جائز. فلا يجوز أن يكون العامل في «أكلّ يوم» مضمرا يفسره «تلبسه» لأنّه لا يفسّر إلا ما يعمل ، و «تلبسه» لا يصحّ له العمل ، فلا يصحّ له التفسير.
[١٢ ـ تقديم الحال على العامل] :
وأما الحال فلا يجوز تقديمها على العامل إذا كان معنى ، فلا تقول في قولك : «هذا زيد ضاحكا» : «ضاحكا هذا زيد» ، ولا «ها ضاحكا ذا زيد» ، إن قدّرت العامل ما في «ذا» من معنى «أشير» ، فإن قدّرت العامل ما في «ها» من معنى «تنبّه» ، جاز ذلك لأنّ «ضاحكا» قد وقع بعد العامل وهو «ها».
وكذلك أيضا لا يجوز مثل : «زيد ضاحكا في الدار» ، لأنّ العامل في «ضاحكا» ما في الدار من معنى الفعل ، فكأنّك قلت : «زيد ضاحكا مستقرّ في الدار» ، وإنّما لم يجز ذلك في الحال لأنّ الباب في المعاني ألّا تعمل إلّا في المجرورات والظروف ، لأنّ الظروف
______________________
(١) تقدم بالرقم ٢٥.