مجرورات في التقدير بنيّة «في» ، وأمّا الحال فليست كذلك ، ألا ترى أنه ليس التقدير : «زيد في الدار في ضاحك».
وإنّما أعملت المعاني في الأحوال تشبيها بالظروف من حيث هي فضلة مثلها منتصبة بعد تمام الكلام على معنى «في» لا على تقديرها ، ألا ترى أنّ المعنى : زيد في الدار في حال أنّه ضاحك ، فلّما كانت مشبهة بالظروف والمجرورات ليتصرّفوا فيها بالتقديم على العامل إذا كان معنى كما تصرّفوا في المجرورات والظروف لأنّ المشبه لا يقوى قوّة ما شبّه به.
وأجاز أبو الحسن التقديم في الحال وجعلها في ذلك كالظروف ، واستدلّ على ذلك بقراءة من قرأ : والسماوات مطويات بيمينه (١) ، بنصب «مطويّات» ، وبقول الشاعر [من الكامل] :
٢٢٤ ـ رهط ابن كوز محقبي أدراعهم |
|
فيهم [ورهط ربيعة بن حذار] |
ألا ترى أنّه قدّم «مطويّات» وهو منصوب على الحال ، والعامل فيه ما في «بيمينه» من معنى الفعل. وكذلك قوله : «محقبي أدراعهم» ، العامل فيه ما في قوله : فيهم من معنى الفعل وقد تقدّم عليه. وهذا الذي ذهب إليه غير صحيح ، لأنّه لا يحفظ منه إلّا هذا وما لا بال له لقلته ، فلا ينبغي أن يجاوز ذلك قياسا على هذا القليل.
______________________
(١) الزمر : ٦٧.
٢٢٤ ـ التخريج : البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص ٥٥ ؛ وجمهرة اللغة ص ٨٢٥ ؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٤٣٧ ، ٥٥٧ ؛ والمقاصد النحوية ٣ / ١٧٠.
اللغة : رهط الرجل : قومه. كوز : اسم رجل من ضبّة. المحقب : المتاع الذي يوضع خلف الراكب في مؤخّر الرحل. الأدراع : ج الدرع.
الإعراب : رهط : مبتدأ مرفوع بالضمّة ، وهو مضاف. ابن : مضاف إليه مجرور بالكسرة ، وهو مضاف. كوز : مضاف إليه مجرور بالكسرة. محقبي : حال منصوب بالياء لأنّه جمع مذكر سالم ، وهو مضاف. أدراعهم : مضاف إليه مجرور ، وهو مضاف ، و «هم» : ضمير متصل مبنيّ في محلّ جرّ بالإضافة. فيهم : جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ. ورهط : «الواو» : حرف عطف ، و «رهط» : معطوف على «رهط» الأولى مرفوع ، وهو مضاف. ربيعة : مضاف إليه مجرور بالفتحة لأنّه ممنوع من الصرف. بن : نعت «ربيعة» مجرور بالكسرة ، وهو مضاف. حذار : مضاف إليه مجرور بالكسرة.
الشاهد فيه قوله : «محقبي أدراعهم» حيث وردت «محقبي» حالا من الضمير المستكنّ في الجار والمجرور الواقع خبرا ، وهو «فيهم» ، وهذا الضمير فاعل بالجار والمجرور ، لأنّ الجار والمجرور نابا مناب اسم فاعل أو فعل ماض ، ولمّا حذفا وأنيب عنهما الجار والمجرور انتقل الضمير الذي كان مستكنا في أحدهما إلى الجار والمجرور.