وما عدا ذلك فأنت فيه بالخيار إن شئت قدّمته ، وإن شئت أخّرته ، نحو : «كان زيد قائما» ، وإن شئت قلت : «قائما كان زيد».
[٨ ـ أقسام الخبر بالنسبة إلى تقديمه على الاسم] :
والخبر ينقسم بالنظر إلى تقديمه على الاسم في هذا الباب ثلاثة أقسام : قسم يلزم تقديمه ، وقسم يلزم تأخيره عنه ، وقسم أنت فيه بالخيار.
فالقسم الذي يلزم تقديمه على الاسم أن يكون الخبر ضميرا متصلا والاسم ظاهرا ، نحو : «كانك زيد» ، أو يكون الخبر ظرفا أو مجرورا والاسم نكرة لا مسوغ للإخبار عنها إلا كون الظرف والمجرور متقدمين عليها ، أو يكون الاسم مقرونا بـ «إلّا» ، نحو : «ما كان قائما إلّا زيد» ، أو في معنى المقرون بـ «إلّا» ، نحو : «إنّما كان قائما زيد» ، تريد : ما كان قائما إلّا زيد.
والقسم الذي يلزم تأخيره أن يكون الخبر ضميرا متصلا والاسم كذلك ، نحو : «كنتك» ، أي : كنت مثلك ، أو يكون الخبر مقرونا بـ «إلّا» ، نحو : «ما كان زيد إلّا قائما» ، أو في معنى المقرون بـ «إلّا» ، نحو : «إنّما كان زيد قائما» ، تريد «ما كان زيد إلّا قائما» ، أو لا يكون في الكلام فارق بين الاسم والخبر ، نحو : «كان هذا هذا».
واختلف في الخبر إذا كان فعلا فاعله مضمر ، هل يجوز تقديمه أو لا ، نحو : «كان يقوم زيد» ، على أن يكون «يقوم» في موضع الخبر. فمنهم من منع قياسا على المبتدأ والخبر ، فكما لا يجوز أن يقال : «يقوم زيد» ، على أن يكون «يقوم» خبرا مقدّما فكذلك هنا ، لأنّ أفعال هذا الباب داخلة على المبتدأ والخبر.
ومنهم من أجاز ، وحجته أنّ المانع من ذلك في باب المبتدأ والخبر كون الفعل المتقدم عاملا لفظيّا ، والابتداء عامل معنويّ ، والعامل اللفظيّ أقوى من العامل المعنويّ ، وأما «كان» وأخواتها فعوامل لفظيّة. فإذا تقدم الفعل على الاسم بعد هذه الأفعال لم يكن إعمالها فيه لازما لأنّ العرب إذا قدّمت عاملين لفظيين قبل معمول ربّما أعملت الأول وربما أعملت الثاني ، كما كان ذلك في باب الإعمال. والصحيح إذن جواز تقديم الخبر على الاسم.