فأقام الضمير لأنّه مسرّح لفظا وتقديرا ، وترك الرجال لأنّه مجرور في الأصل ، ألا ترى أنّ المعنى : اختير من الرجال.
فإن كانت كلّها مسرّحة في اللفظ والتقدير فإنّ المسألة لا تخلو أن تكون باب من «ظننت» ، أو من باب «كسوت» ، أو من باب «أعلمت».
فإن كانت من باب «ظننت» أو من باب «كسوت» جاز إقامة الأول إقامة الثاني والاختيار إقامة الأول ، فتقول : «كسي زيد ثوبا» ، و «ظنّ زيد قائما» ، و «ظنّ قائم زيدا». والأول من باب «ظننت» هو المبتدأ في الأصل والأول من باب «كسوت» هو الفاعل في المعنى ، فإذا قلت : «كسوت زيدا ثوبا» ، كان «زيد» هو المفعول الأول لأنه في المعنى فاعل ، ألا ترى أنّه لابس الثوب وآخذ له.
وإن كان من باب «أعلمت» لم يجز إقامة الأول خاصة ، نحو : «أعلمت زيدا عمرا منطلقا» ، فتقول : «أعلم زيد عمرا منطلقا» ، ولا يجوز خلاف ذلك. وذلك أنّ الأول من باب «أعلمت» مفعول صريح والاثنان الباقيان ليسا كذلك ، بل أصلهما المبتدأ والخبر ، فلمّا
______________________
ـ ٩ / ١١٣ ، ٥ / ١١٥ ، ١٢٣ ، ١٢٤ ؛ والدرر ٢ / ٢٩١ ؛ وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٢٤ ؛ وشرح شواهد المغني ١ / ١٢ ؛ والكتاب ١ / ٣٩ ؛ ولسان العرب ٤ / ٢٦٥ (خير) ؛ وبلا نسبة في شرح المفصل ٨ / ٥١ ؛ والمقتضب ٤ / ٣٣٠ ؛ وهمع الهوامع ١ / ١٦٢.
اللغة : الزعازع : الشديدة واحدتها زعزع.
المعنى : إذا اختار الرجال أفضلهم سماحة وجودا عند الأزمات والنوائب فإنهم سيختارون رجلا منا بالتأكيد لأننا قوم كرام نعدّ للنائبات.
الإعراب : منا : جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم مرفوع. الذي : اسم موصول في محل رفع مبتدأ مؤخر. اختير : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ، ونائب الفاعل مستتر تقديره (هو). الرجال : منصوب بنزع الخافض والتقدير من الرجال. سماحة : مفعول لأجله. وجودا : «الواو» : حرف عطف ، «جودا» : اسم معطوف على منصوب ، منصوب مثله. إذا : ظرفية زمانية غير متضمنة معنى الشرط متعلقة بالفعل (اختير). هب : فعل ماض مبني على الفتح. الرياح : فاعل مرفوع بالضمة. الزعازع : صفة للرياح مرفوعة مثلها.
وجملة «منا الذي» : ابتدائية لا محل لها. وجملة «اختير الرجال» : صلة الموصول لا محل لها. وجملة «هب الرياح» : في محل جرّ بالإضافة.
والشاهد فيه قوله : «اختير الرجال» حيث جاءت «الرجال» منصوبة بنزع الخافض ، وجعل الضمير نائب فاعل.