فيه الشريعة الإسلامية التي لا تجيز للملك أن يكره الذميين على استرقاق أولادهم ، واتبعوا فيه العرف والمصلحة ، ثم دخل فيه سوء الاستعمال في القرن السادس عشر على رأي موردتمان ، وذلك بأن أخذوا يتساهلون بإدخال أناس من المسلمين واليهود والنور ، فأخذ جيش الإنكشارية يشبه جيشا من الأسرى على الأصول الإفريقية الجديدة ، وكان ذلك من أسباب تسرّب الفساد إليه.
كان عدد جيش الإنكشارية لأول تأسيسهم ستة آلاف جندي وقيل ألف جندي ، ثم جاوزوا المائة ألف وقائدهم العام «آغا» الإنكشارية ، وهم يقسمون إلى كتائب وتتألف كل كتيبة من مائة إلى خمسمائة مقاتل ، يعلّمون في الولايات على الكرّ والفرّ ويستخدم بعضهم في خدمة الولاة أو في مزارع أرباب الإقطاعات أو في حوانيت أرباب الصنائع ، ويعيش أفراد هذا الجيش من مياوميات طفيفة وهي «اقچه» واحدة لكل فرد في اليوم ، وتزيد إذا أثبت المقاتل في الحرب كفاءة ، ويقبضون ذلك مرة كل ثلاثة أشهر بأبهة وطنطنة ، وتوزع الإقطاعات على المبرزين منهم من الضباط وغيرهم يعيشون بها زمن السلم ، ويقضى عليهم في الحرب أن يجهزوا أنفسهم على نفقتهم.
وكان أغلب الإنكشارية في الولايات من الفرسان وفي العاصمة من المشاة. وسلاح المشاة الدروع والمغافر والأتراس والخناجر مما يخف حمله ، وسلاح الغارات السيوف والرماح والحراب والمعاول يستعملونها في القرب ، ويستعملون في البعد الرماح والبنادق والغدارات. وأسلحة الفرسان سيوف مستطيلة وبنادق بفتيل وبنادق بصوان وغدارات وقفافيز من حديد. وقد استعمل العثمانيون أسلحة نارية تشبه المدافع في وقعة قوصوة المشهورة. وكانت المدافع والمكاحل في عسكر السلطان سليم على مرج دابق من أسباب ظفره بجيش المماليك لأن هؤلاء كانوا خلوا منها.
قال أحمد رفيق : ولقد كان العثمانيون يستعملون من السلاح ما خف محمله حتى إن نعال خيولهم كانت على غاية الدقة وذلك لتسير سيرا سريعا. وكانوا يبدون مهارة فائقة في التقدم وكشف قوة العدو والإحاطة به وتعجيزه.