فهل يمكن رمي كلّ هؤلاء ـ وفيهم كبار المسلمين وفقهاؤهم وعلمائهم ـ بالشرك وارتكاب البدعة؟
وكذلك الأمرفي شأن الإعتناءبقبور الأولياء ، ولزوم المحافظة عليها ، واصلاحها ، وترميمها ، كما جاء في الخبر : «كانت فاطمة تأتي قبر حمزة ترمه وتصلحه» (١).
وأما بناء القباب على قبور الأولياء فليس من مظاهر الشرك كما يزعمه البعض ، وإلا فلا بدّ من رمي معظم المسلمين بالشرك!.
هذا هو الذهبي يذكر في ترجة العباس عم رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : وعلى قبره اليوم قبة عظيمة من بناء خلفاء آل العباس (٢).
وقال أيضاً : وله قبة عظيمة شاهقة على قبره بالبقيع (٣).
وكذا الأمر في حق غيره مثل مالك ونافع وحليمة السعدية وغيرهم.
وعن السمهودي في المشهد المعروف بالنفس الزكية ، قال : وهذا المشهد شرقي جبل سلع ، وعليه بناء كبير بالحجارة السود (٤).
فظهر أنه على مرّ القرون كان البقيع معظماً لدى كافة المسلمين ، الذين أشادوا القبب على قبور الأئمة والصحابة والأولياء ، احتراماً وتكريماً للذين صنعوا التاريخ ومجد الاسلام.
إن هدم قبور أولياء الله بالبقيع وتدميرها ناشىء عن عدم الفهم واعوجاجه ، كما صرح به الإمام الخميني (٥) رضوان الله تعالى عليه.
__________________
(١) الطبقات الكبرى ٣ / ١٩ ؛ تاريخ المدينة المنورة ، ابن شبة النميري ١ / ١٣٢.
(٢) سير أعلام النبلاء ٢ / ٩٧.
(٣) سير أعلام النبلاء ٢ / ١٠٠.
(٤) التاريخ الأمين لمدينة سيد المرسلين ، الشيخ عبد العزيز المدني / ٤٠٨ ، عن وفاء الوفا ٢ / ٩٢.
(٥) انظر : صحيفة إمام ١٨ / ١٧٥.