وقال : والظاهر أن ضريحها المقدس في بيتها المكمل بالآيات والمعجزات ، لأنها أوصت أن تدفن ليلاً ، ولا يصلي عليها من كانت مهاجرة لهم إلى حين الممات ، وقد ذكر حديث دفنها وستره عن الصحابة البخاري ومسلم في ما شهدا أنه من صحيح الروايات ، ولو كان قد أخرجت جنازتها الطاهرة إلى بقيع الغرقد أو بين الروضة والمنبر في المسجد ما كان يخفي آثار الحفر والعمارة عمن كان قد أراد كشف ذلك بأدنى اشارة ، فاستمرار ستر حال ضريحها الكريم يدل على أنها ما أخرجت من بيتها أو حجرة والدها الرؤوف الرحيم ، ويقتضي أن يكون دفنها في البيت الموصوف بالتعظيم .. وقد فضح الله جل جلاله بدفنها ليلاً على وجه المساترة عيوب من أحوجها إلى ذلك الغضب الموافق لغضب جبار الجبابرة ، وغضب أبيها صلوات الله عليه صاحب المقامات الباهرة ، إذ كان سخطها سخطه ورضاها رضاه ، وقد نقل العلماء : أنّ أباها عليهالسلام قال : «فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها» .. ولقد انقطعت اعذار المتعذرين وحيلة المحتالين بدفنها ليلاً ، ودعواهم أنّ أهل بيت النبي صلوات الله عليه وعلى عترته الطاهرين كانوا موافقين لمن تقدم عليهم من المتقدمين .. (١).
وروى الحميرى عن البزنطي قال : سألت الرضا عليهالسلام عن فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ايّ مكان دفنت؟ فقال : سأل رجل جعفراً عن هذه المسألة وعيسى ابن موسى حاضر ، فقال له عيسى : دفنت في البقيع! فقال الرجل : ما تقول؟ فقال : قد قال لك! فقلت له : أصلحك الله ، ما أنا وعيسى بن موسى؟ أخبرني عن آبائك ، فقال : «دفنت في بيتها» (٢).
__________________
(١) اقبال الأعمال ٣ / ١٦٣.
(٢) قرب الاسناد ٣٦٧ ، ح ١٣١٤ ؛ عنه بحار الأنوار ٢ / ١٠٠ ح ١٩٣ و ٩٧ / ١٩٢ ؛ مستدرك الوسائل ١٠ / ٢١١.