بضع وستين سنة (١).
أقول : نقل أرباب السير : أنّ عثمان قتل سنة ٣٥ (٢) ، بينما مات ابن مسعود في سنة ٣٢ (٣) كما مرّ ، وبذلك يظهر التأمل في ما رواه الحاكم عن ابن نمير ، ولكن لا ينافي ذلك أن يوصي ابن مسعود أن يصلى عليه مثل عمار بن ياسر (٤) أو الزبير بن العوام (٥) ، بل بأن يوصي أن لا يصلي عليه عثمان ، لعلمنا بما وقع بينه وبين عثمان ، فعدم صلاة عثمان عليه ليس لموته حينئذ ، بل لوصية ابن مسعود.
روى البلاذري : لما مرض ابن مسعود مرضه الذي مات فيه ، أتاه عثمان عائداً ، فقال : ما تشتكي؟ قال : ذنوبي ، قال : فما تشتهي؟ قال : رحمة ربي ، قال : ألا أدعو لك طبيباً؟ قال : الطبيب أمرضني ، قال : أفلا آمر لك بعطائك؟ قال : منعتنيه وأنا محتاج إليه ، وتعطينيه وأنا مستغن عنه؟! قال : يكون لولدك ، قال : رزقهم على الله ، قال : استغفر لي يا أبا عبد الرحمن ، قال : أسأل الله أن يأخذ لي منك بحقي ، وأوصى أن لا يصلي عليه عثمان ، فدفن بالبقيع وعثمان لا يعلم ، فلما علم غضب وقال : سبقتموني به؟ فقال له عمار بن ياسر : إنه أوصى أن لا تصلي عليه (٦).
وروى ابن الأثير : وقيل : صلى عليه عمار بن ياسر ، وقيل : صلى عليه الزبير ، ودفنه ليلاً أوصى بذلك ، وقيل لم يعلم عثمان بدفنه ، فعاتب الزبير .. (٧).
فظهر : أنه لا مجال لما نقله الطبري بقوله : فقال قائل صلى عليه عمار ، وقال
__________________
(١) المستدرك على الصحيحين ٣ / ٣١٣.
(٢) انظر : سبل السلام ١ / ٤٨.
(٣) انظر : الطبقات الكبرى ٣ / ١٥٩ و ٦ / ١٣.
(٤) كما رواه الطبراني في المعجم الكبير ٩ / ٦٥.
(٥) كما رواه الطبراني في المعجم الكبير ٩ / ٦٥.
(٦) أنساب الأشراف ٦ / ١٤٨ ؛ الغدير ٩ / ٤ ؛ وانظر شرح نهج البلاغة ٣ / ٤٣.
(٧) أسد الغابة ٣ / ٢٦٠.